ومحمد بن علي بن محبوب صاحب كتاب نوادر الحكمة والقميين أجمع كعلي بن إبراهيم ابن هاشم ومحمد بن الحسن بن الوليد عاملون بالأخبار المتضمنة للمضايقة ، لأنهم ذكروا أنه لا يحل رد الخبر الموثوق برواته ، وحفظتهم الصدوق ذكر ذلك في كتاب من لا يحضره الفقيه ، وخريت هذه الصناعة ورئيس الأعاجم الشيخ أبو جعفر الطوسي مودع أحاديث المضايقة في كتبه مفت بها ، والمخالف إذا علم باسمه ونسبه لم يضر خلافه » إلى آخره. التي بما سمعته سابقا في تحرير محل النزاع من تعداد القائلين بالمواسعة ينكشف لك فساد دعوى هذه الإجماعات وخطأ حاكيها في استنباطها ، وكيف لا وقد عرفت أنا لم نقف بعد الاستقراء على قائل بالمضايقة من أصحاب الفتاوى سوى جماعة ذكرناهم ، وعمدتهم نقلة الإجماع الذين هم ليسوا في عصر واحد ، ولم يخل عصر أحد منهم من الخلاف ، ومن المعلوم أنه لا يصح الإجماع نقلا بموافقة المتأخر ولو فتوى ، كما أنه لا يصح المتأخر بموافقة فتوى بعض قد اشتهر الخلاف في زمانه وقبله وبعده ، بل لو لوحظ كل إجماع حكي على المضايقة وما سبقه من الفتاوى الموافقة له والمخالفة لقضي منه العجب.
ولذا حكي عن صاحب العصرة مشيرا إلى ابن إدريس على الظاهر أنه قال : وقد رأيت بعض فقهائنا الآن قد صنف مسألة في معنى القضاء ، وقال بقول الشيخ وادعى إجماع الطائفة على قوله ، فتعجبت من ذلك ، وكيف ادعى الإجماع مع اختلاف الجماعة الذين ذكرناهم على عظم أقدارهم وشهرة آثارهم بين الأصحاب ، ثم أورد على الشيخ في الخلاف بأن ادعاءه الإجماع لعجيب أتراه لم يعتد بقول الشيخين المتقدمين أي الصدوقين وسلفهما أو لم يعدهما من الأصحاب أو لم يبلغه قولهما وقول سلفهما ، وناهيك به رادا للإجماع في عصر مدعيه فضلا عن المحقق والشهيد وغيرهما ممن رده أيضا ، بل قد عرفت فيما مضى أنه يمكن دعوى استقرار الإجماع على عدم المضايقة وإن كان قد فصل من فصل بما سمعت ، إلا أنك عرفت أنه قائل بالمواسعة في المعظم ، بل