والمخيرة ، وإن اختار غير العتق لم تحصل براءة الذمة مما هو متعلق بها ، لأنه ليس مخيرا ، وإذا اختار العتق برئت ذمته على التقديرين ، فتعين العتق لذلك لا لانصرافه إلى المخيرة وإن شاركه في المعنى ، وهذا كمن عليه كفارة مشتبهة بين المخيرة والمرتبة ، فإنه يتعين عليه العتق لتيقن براءة الذمة منهما وإن لم يكن العتق متعينا عليه في نفس الأمر ، بل من باب مقدمة الواجب ، لتوقف براءة الذمة عليه ».
قلت : قد تبع بذلك الفاضل في القواعد وولده في الإيضاح ، بل أطنب في تحرير المعنى المزبور ، وقال : « إنه من غوامض هذا الباب ».
ولكن قد يقال : إن المتجه على ما يقوله الشيخ مع فرض عدم التعيين ابتداء وبعد العتق الاجتزاء بإحدى خصال الكفارة المخيرة ، ولا يتعين عليه العتق ، وذلك لأن مقتضى دليله رجوع أوامر الكفارات المتعددة وإن اختلفت إلى أمر واحد وهو التكفير ، فيجتمع حينئذ على المكلف حكم الترتيب والتخيير ، ويكون كما لو قال له « أعتق » مثلا و « أعتق أو صم أو أطعم » مثلا الذي لا ريب في تحقق الامتثال فيه بما ذكرنا ، ضرورة كونه حينئذ عنده كسب واحد اقتضى ذلك ، لأنه أرجع الأوامر المتعددة إلى أمر واحد بمقتضى كل واحد منها ، ولذا لم يوجب التعيين ، معللا له بصدق امتثال الأمر بالتكفير بدونه ، وإن كان قد أوضحنا فساده ، وقلنا : إنه لا أمر بالتكفير مطلقا ، وإنما الموجود الأوامر الخاصة ، والتكفير الشامل لها قدر انتزاعي منا ، وإنما الكلام في التفريع على قوله صحيحا كان أو فاسدا ، والتحقيق فيه ما ذكرناه ، وليس عنده الباقي بعد العتق كفارة مجملة دائرة بين المرتبة والمخيرة كي يجب مراعاة الترتيب تحصيلا للبراءة اليقينية ، بل صريح كلامه أن العتق الأول يقع مطلقا لا مجملا ، ولكن قد اكتفى في الامتثال بإطلاقه ، كوفاء درهم من الدرهمين في الذمة ، تعدد سبب شغلها أو اتحد ، وحينئذ فالمتجه الاكتفاء في الامتثال بخصلة المرتبة ، وواحدة من خصلة التخيير ، ولعل هذا أغمض مما ذكره فخر المحققين ، وخصوصا إذا لاحظ وقوع ما ذكرناه دفعة بالعتق مثلا والإطعام من