وفيه : ما تقدم (١) من جواز أن يراد به الإجزاء عن الأمر الاستحبابي المتعلق بهما أي بالأذان والإقامة فيما إذا صلى وحده ، وأنّ هذا المقدار يجزئ في مقام أداء الوظيفة الاستحبابية إرفاقاً وتسهيلاً.
وبالجملة : لا دلالة فيها إلا على مجرد الإجزاء عن تلك الوظيفة ، وأمّا أنّها وجوبية أو استحبابية فلا تدل عليه بوجه.
ومنها : قوله عليهالسلام في موثقة عمّار الواردة في المريض « لا صلاة إلا بأذان وإقامة » (٢) دلت على وجوب الأمرين معاً خرجنا في الأذان بالنصوص الخاصة فتبقى الإقامة على وجوبها.
ويندفع : بأنّا وإن ذكرنا في محلّه أنّه إذا تعلّق أمر بشيئين قد ثبت الترخيص في ترك أحدهما من الخارج يؤخذ بالوجوب في الآخر ، نظراً إلى أنّ الوجوب والاستحباب مستفادان من حكم العقل ومنتزعان من الأمر المقرون بالترخيص في الترك أو بعدمه ، فلا مانع من التفكيك بعد أن ثبت الترخيص في أحدهما دون الآخر ، (٣) إلا أنّ هذه الكبرى غير منطبقة على المقام ، لأنّ الوجوب لم يكن مستفاداً من الأمر بالفعل أو بعدم الترك ، وإنما استفيد على تقدير تسليمه من أداة النفي المقرونة بالاستثناء في قوله عليهالسلام : « لا صلاة إلا بأذان وإقامة ».
وعليه فإمّا أن تكون الأداة لنفي الحقيقة أو لنفي الكمال أو بالتفصيل بأن تكون في الأذان لنفي الكمال ، وفي الإقامة لنفي الحقيقة بعد وضوح عدم احتمال العكس.
أما الأخير فلا سبيل إليه ، إما لعدم جواز استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى ، وإما لأنّه على تقدير جوازه فلا شبهة في أنّه خلاف المتفاهم العرفي.
__________________
(١) في ص ٢٢٨.
(٢) الوسائل ٥ : ٤٤٤ / أبواب الأذان والإقامة ب ٣٥ ح ٢.
(٣) محاضرات في أصول الفقه ٢ : ١٣٨.