وبالجملة : دعوى كون لسان الروايات لسان الاستحباب غير واضحة ، فإنّها غير بينة ولا مبينة.
ثانيها : صحيحة حماد الواردة في كيفية الصلاة وبيان أجزائها (١) ولم يتعرض فيها للإقامة.
وفيه : أنّ وجوب الإقامة على القول به إمّا نفسي أو غيري ، وعلى التقديرين لا ينبغي التعرض إليها.
إذ هي على الأوّل عمل مستقل خارج [ عن ] الصلاة ، والصحيحة بصدد بيان الصلاة نفسها بمالها من الأجزاء دون ما كان واجباً بغير الوجوب الصلاتي. وعلى الثاني فهي شرط كسائر الشرائط من الطهارة والاستقبال ونحوهما ، وقد عرفت أنّ الصحيحة بصدد بيان الأجزاء دون الشرائط.
ثالثها : خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سألته عن رجل نسي أن يقيم الصلاة حتى انصرف أيعيد صلاته؟ قال : لا يعيدها ولا يعود لمثلها » (٢).
فإنّ النهي عن العود كاشف عن إرادة العمد من النسيان ، بداهة امتناع تعلق النهي بما هو خارج عن الاختيار ، وعليه فالنهي عن إعادة الصلاة الفاقدة للإقامة عامداً خير دليل على الاستحباب.
وفيه أوّلاً : أنّ الرواية ضعيفة السند بعلي بن السندي ، فلا يمكن التعويل عليها.
وثانياً : أنّ غايتها الدلالة على نفي الوجوب الشرطي فلا حاجة إلى الإعادة ، دون الوجوب النفسي الذي ذهب إليه جماعة بل ربما يكون النهي عن العود مع عدم الإعادة دليلاً عليه ، فهي تعاضد الوجوب النفسي لا أنّها تضاده وتعارضه.
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٤٥٩ / أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١.
(٢) الوسائل ٥ : ٤٣٣ / أبواب الأذان والإقامة ب ٢٨ ح ٢.