في ملك المتصرف ، كما ذكرنا نظير ذلك في حق الرهانة ، بل لم نستبعد هناك التصرف بمثل البيع أيضاً فضلاً عن الصلاة ونحوها فراجع ولاحظ (١).
وعلى الجملة : بعد البناء على انتقال التركة بأجمعها إلى الورثة وأنه ليس في البين عدا تعلق حق الغير بها كما في العين المرهونة ، فاللازم رعاية للحق عدم جواز مزاحمته لا عدم جواز التصرف في متعلقه وبينهما عموم من وجه ، فالتصرف غير المزاحم لا دليل على حرمته بعد عدم كونه تصرفاً في ملك الغير ، فلا حاجة إلى الاستئذان وإن استغرق الدين كما لا يخفى.
ويتوجه على ما ذكرناه مما يترتب على القول الثاني من عدم جواز تصرف الوارث في التركة وإن أذن به الغريم لكونه من التصرف في ملك الغير ، وهو الميت الذي لا يفرق فيه بين المشترك وغيره أنّ ذلك إنما يستقيم لو كان الاشتراك الحاصل بين الوارث والميت من قبيل الإشاعة في العين بحيث يكون للميت ملك مشاع بنسبة حصته سارٍ في التركة ، فيكون كل جزء منها مشتركاً بينهما لا يجوز التصرف لأحدهما بدون رضا الآخر ، إلا أنّ هذا المبنى غير سديد ، إذ لازمه أنه لو تلف بعض التركة تلفاً غير مضمون على الوارث أي لم يكن مستنداً إليه كتلف سماوي من حرق ونحوه يكون التالف محسوباً عليه وعلى الميت بنسبة الاشتراك ، كما هو الحال في كل شريكين ، حيث إنّ الربح لهما والتاوي عليهما ، فلو كانت التركة ألفاً والدين مائة وقد تلف منها خمسمائة ، فاللازم أن لا يملك الميت حينئذ إلا خمسين ، فلا يعطى الديان أكثر من ذلك ، مع أنه باطل جزماً ولا قائل به ، فان التلف يحسب حينئذ على بقية التركة ولا ينقص عن الدين شيء اتفاقاً ، فيكشف ذلك عن أنّ الشركة الحاصلة بينهما ليست بنحو الإشاعة ، بل الصواب أنها بنحو الكلي في المعيّن (٢). فمقدار مائة
__________________
(١) ص ٩ ، وراجع مصباح الفقاهة ٥ : ٢٣٨.
(٢) كونه على هذا النحو إنما يتجه فيما إذا كان الدين من جنس التركة ، ومن ثم التزم