لا معنى للملازمة المزبورة
الثاني : ما أفاده : من الملازمة بين حكومة أخبار البراءة على قاعدة الاشتغال وبين دلالتها على عدم حجيّة الأدلّة الظنيّة كأخبار الآحاد وتعارضها معها ؛ من حيث عدم حصول العلم منها بالواقع كما لا يحصل من القاعدة بقوله : ( وإلاّ لدلّت هذه الأخبار ... إلى آخره ) (١) مما لا معنى له عند من له أدنى تأمّل ، لوجود الفرق البيّن بينهما بما لا يخفى على الأوائل ؛ فإن حجيّة الأدلّة الظنيّة ليست من حيث احتمال الضرر والعقاب ، بل من حيث كشفها عن الواقع ظنّا ولو بحسب النوع والطبع. ودليل اعتبارها إنما دلّ عليه من هذه الحيثيّة والجهة.
وحاصل مفاده : عدم الاعتناء باحتمال عدم إصابتها للواقع وخطأها ، ومعناه : رفع اليد عن الأصل الذي أسّس شرعا في موضوع احتمال الواقع والشكّ فيه ، فهو شارح لدليل اعتبار الأصل ومفسّر له ومبيّن لمقدار مدلوله ، فهو وإن لم يكن رافعا لموضوع الاحتمال وجدانا وحقيقة إلا أنه رافع له بحكم الشارع ، وهذا بخلاف القاعدة المبتنية على وجوب دفع الضرر المحتمل ؛ فإنّها لا يمكن أن تكون
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٥١ والذي فيه : ( وإلاّ لدلّت هذه الرّواية ).