الأحكام المجعولة في الاسلام ليست ضرريّة
السّادس : أنك قد عرفت : أن ما ينفي الضّرر من الأخبار المتقدّمة حاكم على العمومات المثبتة للأحكام الضّررية بعمومها فهو إخبار عن حال الأحكام المجعولة في الإسلام وأنه ليس فيها مجعول ضرريّ ، نظير حديث الرفع. فالأحكام الوجوديّة المجعولة من الشارع يستكشف حالها منه ، وأنه لم يجعل منها ما كان ضرريّا من الوضعيّات والتكليفيّات.
وأمّا الأحكام العدميّة الغير المجعولة من الشارع إذا كانت ضرريّة كعدم ضمان ما يفوت على الحرّ من عمله بسبب حبسه فيما لم يكن عمله ملكا للغير ؛ فإنه لا إشكال في الضمان في الصورة المفروضة من جهة قاعدة الإتلاف ، فلا يحكم بنفيها ؛ حيث إنها ليست مجعولة بالفرض ، فكيف يحكم بنفيها؟ اللهمّ إلاّ أن يرجع إلى حكم وجوديّ كحرمة مطالبة الحابس بالعوض ونحو ذلك ، لكنّه مشكل : من جهة أن نفي الحرمة إنّما هو فيما كان هناك دليل عليها.
وبالجملة : تأسيس الحكم بالضمان من جهة الأصل المذكور مع كونه إخبارا عن حال أدلّة الأحكام المجعولة فيما لم يكن هناك مقتض للضمان أصلا من اليد ، وقاعدة الإتلاف لا يجامع ما بنينا عليه في المراد من أخبار الباب فتأمّل.