في دوران الواجب بين الأقلّ والأكثر
أقول : قد عرفت ممّا أسمعناك سابقا ـ في بيان دوران الأمر بين المتباينين موضوعا ـ : الفرق بينه وبين دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، وأن مرجع الدوران هناك ولو كان بين الأقل والأكثر إلى أقل بشرط لا ، والأكثر بشرط شيء كالقصر والتمام ، وهذا بخلاف المقام ؛ فإن مرجع الدوران فيه إلى أقلّ لا بشرط والأكثر حتى فيما احتمل مانعيّة شيء للمأمور به ؛ فإن مرجعه إلى الشكّ في الشرطيّة بالنسبة إلى عدمه ، فلو كان الواجب هو الأمر الغير المربوط بعدمه كان لا بشرط بالنسبة إليه لا محالة ، ومن هنا أدرجه شيخنا قدسسره في أقسام المقام وتعرّض لحكم دوران الأمر بين الجزئيّة والمانعيّة فيما سيأتي من كلامه.
__________________
أخبار البراءة الثابتة بعد ثبوت الشريعة ـ كما هو المختار ـ غاية الفرق : انه على تقدير كونها عقليّة تتوسّع دائرتها لما قبل الشريعة فلم يبق لوجوب شكر المنعم ووجوب النّظر في المعجزة دليل ، وعلى تقدير كونها شرعيّة تتضيّق دائرتها بالإختصاص بما بعد ورود الشريعة وثبوتها هذا كلّه في تأسيس الأصل العملي في المسألة.
وأما الكلام في الدليل ، فالدليل على البراءة في المسألة بعد تأسيس الأصل وقاعدة القبح بأحد وجهيه وجوه :
منها : الشهرة المنقولة ، بل المحصّلة ، بل الإجماع المنقول ، بل المحصّل بين القدماء والمتأخرين ممن عدى السبزواري وتابعيه على ما حكاه أستاذنا العلاّمة [ الفاضل الإيرواني ] من تتبّع كلماتهم ولكنّه على تقدير تسليمه دليل إقناعي لا إلزامي » إنتهى.
التعليقة على فرائد الأصول : ج ٢ / ٤١٩.