وأما الثاني ، فليس مرادا في المقامين ، وإن كان الحق عدم جريان الاستصحاب فيه أيضا بعد فرض كونه أمرا اعتباريّا منتزعا من التكليف كما هو ظاهر.
وبالجملة : الذي تقدّم في المتباينين عدم إمكان جريان الاستصحاب فيه هو المعنى الأول ، وأما المعنى الأخير فلم يكن له قادح عند شيخنا في المتباينين إلاّ أنه أصل مثبت كما عرفت شرح القول فيه.
والفرق بينهما لا يكاد أن يخفى : فإن الأول من الأحكام العقليّة والأخير من الأحكام الشرعيّة ولا يمكن إرادة المعنى في المقام ، وإن أغمضنا عما ذكرنا من عدم تصوّر الشكّ في الأحكام العقليّة ، ويمكن إرادته في المتباينين مع الغضّ عما ذكر لثبوت حكم العقل بوجوب الاحتياط والجمع بين المشتبهين في المتباينين فيشك في بقائه بعد الإتيان بأحدهما ، وثبوته في المقام عين المدّعى وهو وجوب الإتيان بالأكثر فتأمّل.
ثمّ إن ما أفاده في المقام في الجواب عن التمسّك باستصحاب الوجوب كما ترى ، يرجع إلى وجهين :
توضيح الوجه الأوّل في الجواب عن الاستصحاب
أحدهما : أن استصحاب الوجوب المردّد لا يترتّب عليه وجوب الإتيان بالأكثر بعد فرض عدم اقتضاء وجوده العلمي اليقيني له ؛ لأن معنى استصحاب