في إبداء الفرق بين أوامر المقام وأوامر الأطباء
أقول : ما أفاده في الجواب عن السؤال يرجع إلى إبداء الفرق بين المقام وبين أوامر الأطبّاء مع تسليم وجوب الاحتياط في الثاني : بأن أوامرهم إرشاديّة محضة لا يقصد منها إلا تحصيل ما هو الثابت في المأمور به من الخواص والفوائد. ومن المعلوم ضرورة لزوم الاحتياط فيما إذا تعلق الغرض بتحصيل عنوان من الفعل يشكّ في حصوله بترك بعض ما يعلم بعدم كون فعله مضرّا ولم يزل بناء العقلاء على الالتزام بفعله ، ولو لم يكن هناك أمر من أحد أصلا ، على ما عرفت الإشارة إليه ؛ لئلا يلزم نقض الغرض.
وهذا بخلاف المقام المفروض كون الأمر فيه مولويّا وإن كان له جهة إرشاد يتكلّم فيه ويبحث عنه : من حيث الإطاعة والمعصية ؛ فإن العقل مستقلّ في الحكم فيه بكفاية فعل الأقلّ في التخلّص عن تبعة العقاب وتحقّق الإطاعة التي لا واقعيّة لكيفيّتها وشؤونها إلاّ بملاحظة حكم العقل وإن لم يقطع بحصول الواجب الواقعي في ضمن ما يتحقّق به الإطاعة وهو فعل الأقلّ في مفروض البحث ؛ فإن هذا ليس شرطا في تحقق الإطاعة الموجب لاستحقاق الثواب ورفع العقاب.
إذ قد عرفت ـ من مطاوي كلماتنا السابقة في هذا الجزء وفي الجزء الأوّل من التعليقة غير مرّة ـ : أن الخطابات الواقعيّة والأحكام النفس الأمريّة ليس ممّا