لو كان واجبا في نفس الأمر ، فكيف يرجع إلى البراءة بالنسبة إليه ويقاس بموارد الشكّ في التكليف؟
لأنّا نقول : ما ذكر : من كون العلم الإجمالي بيانا ، إنّما يسلّم في الجملة لا على إطلاقه ؛ فإنّ من شرائط كونه بيانا ومنجّزا للخطاب بالواقع المردّد عدم انحلال المعلوم بالإجمال إلى معلوم تفصيليّ ومشكوك بالشّكّ البدوي. ومن هنا حكمنا : بالبراءة وحكموا بها في دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين مع وجود العلم الإجمالي.
ونقول : في المقام أيضا : بأن الحاصل من العلم الإجمالي هو العلم التفصيلي بوجوب الأقلّ والشكّ البدوي بالنسبة إلى وجوب الأكثر ، فلو عاقبنا الشارع على مخالفته كان قد عاقبنا مع عدم بيان بالنسبة إليه.
لا يقال : ما ذكر من الشرط أمر مسلّم لم يخالف فيه أحد من العقلاء والعلماء ، إلاّ أنا نقول : بتحقّق الشرط المذكور في محل البحث ؛ حيث إن المعلوم بالإجمال وهو : الواجب الشرعي النفسي المردّد بين الأقلّ والأكثر لم ينقلب ولم ينحل إلى المعلوم التفصيلي ، وإلاّ لم يبق شك بالنسبة إلى الزائد كما في الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين. والفرق بينه وبين المقام واضح ؛ فإن المفروض هناك واجبان حقيقة : أحدهما معلوم والآخر مشكوك. وفي المقام واجب واحد فلو فرض العلم به تفصيلا في ضمن الأقلّ لزمه ما ذكرنا : من ارتفاع الشك ، وهو خلف. غاية ما في