ذلك ينافيه لفظ السقوط ؛ فإنّ مقتضى نفيه بقاء الحكم السابق لا حدوثه غالبا ولا سبيل إلى حمله على عدم سقوط حكمه السّابق من مطلوبيّته مقيّدا أو في ضمن الكل أو للكلّ ؛ لأنّ ذلك مقطوع السقوط.
أمّا الأوّلان : فواضح ، وأما الثالث : فلما نبّهنا عليه في مبحث المقدّمة : من أن وجوب المقدّمة بدون وجوب ذيها غير معقول ، مع أنه لا يفيد مقصود المستدلّ.
ومن هنا تبيّن وجه التفريع على الظهور الذي ادّعيناه أوّلا. نعم ، للخصم أن يتفصّى عن الإشكال الأوّل : بعدم القول بالفصل ؛ فإن من قال برجحان قضاء الواجب قال بوجوبه ، وعن الثاني : بجعل نفي السقوط بمعنى عدم خلوّه عن مثل الحكم السابق ؛ لأنه أقرب المجازات إلى نفي السقوط أو يمنع سقوط أصل الحكم السابق وإن سقط كيفيّته ولو على حسب متفاهم العرف ، ولا يخفى ما فيهما من التكلّف المستغني عنه » (١). انتهى كلامه رفع مقامه.
وفيه أوّلا : أن الظاهر من الرواية على ما عرفت الإنشاء وحمل عدم السقوط على نفس الميسور كما هو ظاهر. مضافا إلى أن الحمل على الإنشاء لا يجامع الحمل على الحكم عقلا كما هو ظاهر. ومن هنا يظهر : عدم إمكان حمل الرواية على المعنى الأعمّ الشامل للأفعال المستقلّة إلاّ بجعل فائدته التأكيد بالنسبة إليها لدفع توهم السقوط ، والظاهر من الإنشاء الوجوب على ما بيّن في
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ١١٥.