وأمّا ناسي الحكم فحكمه عندهم حكم الجاهل بالحكم بقسميه. والوجه في هذا التفصيل : هو بناؤهم في مسألة امتناع الاجتماع على كون المزاحم للأمر الغير المجامع معه للتضادّ هو النهي الواقعي المنجّز على المكلّف ، فلو لم يكن هناك نهي واقعا ـ وإن كان الفعل مما يعاقب عليه ويكون مبغوضا ويوجد فيه جهة النهي ـ لا يحكم بفساد العبادة.
ومن هنا حكموا بصحّة صلاة المتوسّط في المغصوب في حال الخروج ، وبصحّة غسل المرتمس في الماء المغصوب إذا قصده حال إخراج البدن عن الماء ، إلى غير ذلك فيما إذا فرض كونه عاصيا بالغصب ؛ لانتفاء النهي واقعا : من جهة امتناع الجمع بين فعل الشيء وتركه ، فيمتنع تعلّق الخطاب بهما ، وإن كان السبب سوء اختيار المكلّف ـ على ما برهن عليه في محلّه ـ فيعاقب على تفويت التكليف الذي تمكن من امتثاله.
وإن خالف فيما ذكر فقيه عصره قدسسره في « كشفه » قال قدسسره ـ في بحث مقدمة الواجب في مقدمات الكتاب ـ ما هذا لفظه :
« ثمّ المقدمة من شرط أو رفع مانع يتعلّق بهما الوجوب قبل دخول وقت الغاية موسّعا حتى تضيق وقتها ؛ لأن خطاب المعلّق كخطاب المنجّز ما لم يقم دليل على الخلاف كما في الطهارة. وأمّا المشي إلى الحجّ وغسل الصوم الواجب فيتعلّق الوجوب بهما على وفق القاعدة قبل دخول الوقت ، وخصّ نسبة الاستطاعة وتأهّب القافلة وتخصيص الليل في شهر رمضان للدليل ، ولا يلزم تكليف بالممتنع