__________________
تشخّصه ولا يكاد أن يوجد بدونه ، فلا يتطرق إليه الإهمال والإجمال والتحيّر والتردّد محمولا وموضوعا ، وليست بما هي أحكام كذلك مناطاة للأحكام الشرعيّة ، بل بمناطاتها الواقعيّة ، فهي كذلك لا يكون مبنيّة ومفصلة للعجز عن التميز بين ما له دخل في ذلك وما لا دخل له ممّا عليه العقل من الخصوصيّات ، أو للعجز عن تعيين انحصار الملاك فيها ، واحتمال أن يكون فيها ملاك آخر غير متقوّم بما عليه من الخصوصيّات.
وبالجملة : انّ الأحكام العقليّة بما هي مناطات للأحكام الشرعيّة ، ليس بلازم أن يكون مبيّنة ، بل ربّما يكون بما هي كذلك مجملة غير مبنيّة لأنّها بملاكاتها يكون مناطات لها ، ومناطاتها قد لا يكون بما يتقوّم بها من الخصوصيّات معلومة ، ضرورة إمكان اطلاع العقل على مصلحة فعل أو مفسدته مع العجز عن تعيين ما له دخل من خصوصيّاته فيها ، أو مع احتماله فيه مصلحة أو مفسدة أخرى غير متقوّمة بما تتقوّم به الأولى.
إذا عرفت ذلك فاعلم : أنّه اذا ارتفع بعض ما احتمل دخله في حسن فعل أو قبحه عقلا ، وفي وجوبه أو حرمته شرعا وهو يوجب انتفاء حكم العقل بأحدهما فعلا بلا شكّ فيه ولا ريب يعتريه ، فإنّه من الوجدانيّات ، ولا يكاد ان يدينها الشكّ بالبداهة أصلا ، فلا مجال فيه لتوهّم استصحابه ، كما لا يخفى.
وأمّا حكم الشّرع بوجوبه أو حرمته ، فلا قطع بانتفائه لاحتمال بقائه ببقاء مناطه وانتفاء كاشفه ودليله لا يوجب إلاّ انتفاء كشفه لا بنفسه ، فلا وجه لمنع جريان الاستصحاب فيه إلاّ لأجل عدم إحراز الموضوع ، لاحتمال اعتبار المرتفع فيه ، كما أفاده قدسسره وهو وجيه لو كان ذلك ، أي إحراز الموضوع في هذا الباب منوطا بنظر العقل. وعليه فلا مجال لجريان الاستصحاب في الشكّ في الحكم الشّرعي ، ولو كان دليل النّقل ، كما يأبى تفصيله لا بنظر العرف ، وإلاّ فربّما لا يكون انتفاء ذلك موجبا له بنظره ، بل يكون القضيّة المشكوكة بعينها تلك المعلومة سابقا موضوعا ومحمولا ، من غير حصول تفاوت بينها بذلك ، فيكون حينئذ محرزا ، ومعه لا مجال