هنا يعلم : أنّ إطلاق التّعارض هنا مبنيّ على التّسامح ؛ ضرورة أنّه لا تنافي بين نفس احتمال وجود الشّيء وعدمه ، وإلاّ لم يجتمعا كما لا يخفى هذا. مضافا إلى أنّ تساقطهما لا يلزم أن يكون موجبا للقطع ببقاء المقتضى ـ بالفتح ـ لم لا يكون موجبا للقطع بعدم بقائه؟
وإن كان هو سقوط المحتملين عن الاعتبار حتّى لا يحكم بوجود الرّافع ، ولا بعدمه ، ولا برافعيّة الموجود ، ولا بعدمها ، فنتيجة ذلك ليس هو الحكم بعدم الرّافعيّة وبقاء المقتضى ـ بالفتح ـ بل التّوقف عن الحكم بالبقاء وعدمه وعدم الحكم بأحدهما ، وإلاّ كان ترجيحا لأحدهما على الآخر؟ وهو خلاف فرض تساقطهما بالمعنى الّذي عرفته.
والحاصل : أنّ نتيجة هاتين المقدّمتين ليست اعتبار الاستصحاب والحكم بمقتضى الحالة السّابقة بل عدم الحكم باعتباره.
توجيه الدليل المزبور بعدّة وجوه
ثمّ إنّ ظاهر هذا الدّليل لمّا كان هو القطع بثبوت المقتضي ـ حسب ما ذكره الأستاذ العلاّمة ( دامت إفادته ) : من جهة ظهور تساقط الاحتمالين في ارتفاعهما ويعلم أنّ مراد المستدلّ ليس هذا قطعا وإلاّ لخرج عن الاستصحاب ـ تمحّلوا لتوجيهه بوجوه :
أحدها : أن يكون المراد من قوله : ( فيجب الحكم بثبوته ) (١) هو الحكم الظّنّي
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٣ / ٨٤ والقول لصاحب المعارج.