لا يثبت وجود العلّة من الأزمنة بمجرّد وجودها في الزّمان السّابق لا من العقل ولا من الشّرع ، فلو فرض قيام دليل عليه ، فلا تعلّق له بالدّليل المذكور أصلا كما لا يخفى. وبالجملة : لا يظنّ أن يكون هذا المعنى مراد المستدلّ بل يقطع بعدم إرادته له.
وإن كان المقصود منه : المقتضي بالمعنى الثّاني ، أي : السّبب ، فلا بدّ من أن يكون مراده من ثبوته ـ كما يشهد به سياق العبارة ـ : هو الثّبوت في الزّمان الثّاني ؛ إذ ثبوته في الزّمان الأوّل لا ينفع بالأولويّة القطعيّة ، وأمّا لزوم إرادته لوصف الاقتضاء ـ على هذا التّقدير كما جزم به الأستاذ العلاّمة ( دام ظلّه ) ـ فليس له معنى محصّل ، بل ربّما لا يجوز إرادته ؛ لأنّه إن كان المراد من الاقتضاء هو الاقتضاء الذّاتي والثّاني فلا يخفى : أنّه لا ينفكّ عن وجود السّبب بعد فرض كونه سببا أينما وجد ، وإن كان المراد الاقتضاء الفعلي ، فهو لا ينفك عن وجود العلّة التّامّة ، فلا معنى لإرادته.
فإذا كان المقصود هو وجود المقتضي بالمعنى الثّاني في الزّمان الثّاني.
فيرد عليه :
أوّلا : أنّه أخصّ من المدّعى ؛ حيث إنّه أعمّ من موارد الشّك في البقاء من جهة الشّك في المقتضي ، وهذا الدّليل على فرض تماميّته لا يدلّ إلاّ على اعتبار الاستصحاب في الشّكّ في الرّافع.
وثانيا : أنّ مجرّد معارضة احتمال الرّافع احتمال عدمه ، كيف يصلح للحكم بثبوت المقتضي ـ بالفتح ـ لأنّ المراد من التّساقط : إن كان هو تساقط الاحتمالين وارتفاعهما فهو ممّا لا يعقل له معنى ؛ لأنّ الشّك بحسب الموضوع قائم بهما. ومن