نقل كلام الفصول والرّدّ عليه في امكان الجمع
بين الاستصحاب والقاعدة في الرّواية
أقول : قد عرفت في طيّ كلماتنا السّابقة : عدم إمكان الجمع بين القاعدة والاستصحاب ؛ حيث إنّ المناط في القاعدة نفس الشّك في الطّهارة وهو العلّة للحكم بها ، والحكم المنشأ فيها هو الحكم بأصل الطّهارة. وفي الاستصحاب هو اليقين السّابق ، والحكم المنشأ فيه هو الحكم باستمرار الطّهارة ، وشتّان بينهما.
ومن هنا يظهر فساد ما زعمه بعض المحقّقين (١) : من دلالة الرّواية على
__________________
محكومة تعبّدا بالإستمرار عند الشك في بقاءها في إزالة الطّاري أو طروّ المزيل ، فلا يتوجّه عليه ما أورد بقوله : ( ليت شعري ... إلى آخره ).
هذا ، مع انّه لا وجه لتشقيقه والإيراد على كلّ شقّ بغير ما وجّهه على الآخر ، بل يرد على كلّ شقّ ما وجّهه على الآخر ، بداهة انّ الحكم الواقعي أيضا يستمرّ إلى زمن نسخه وأنّ الطّهارة الظّاهريّة ولو بقاعدتها كذلك ، فهي أيضا مستمرّة في الظّاهر إلى زمن العلم بالنّجاسة ، فيكون الكلام مسوقا ... إلى آخر ما أفاده قدسسره ، مع انّه لا يدّعى انّ الكلام على هذا كان بيانا للقاعدة ، بل يدّعى انّه لبيانها أيضا فلا يتوجّه عليه إشكال استعمال اللّفظ في المعنيين ، فافهم.
فالوجيه التّوجيه عليه : بأنّه إن أريد من هذه الحكم حكم الشّارع ، بالطّهارة واقعا أو ظاهرا ، فهو لا محالة مستمرّ إلى زمن نسخه ، وإن أريد منه الطّهارة المحكوم بها كذلك ، فهو مستمرّ ظاهرا عند الشّكّ في طروّ المزيل وإزالة الطّاري ، فتأمّل جيّدا » إنتهى.
أنظر درر الفوائد : ٣١٢ ـ ٣١٦.
(١) صاحب الفصول رحمهالله.