تقريب الإستدلال بالرواية وبيان محتملاتها
فنقول : إنّ الوجه الأوّل وإن كان ربّما يسبق إلى الذّهن من الرّواية في النّظر الأوّلي الابتدائي بل الثّانوي إلاّ أنّ هناك قرائن وصوارف عن إرادة هذا الظّاهر.
أحدها : ظاهر الفقرة الأولى من الرّواية ؛ فإنّ الظّاهر منها بقرينة تعيين الفاتحة للرّكعتين الأخيرتين المأتي بهما هو الرّكعتان المنفصلتان لا المتّصلتان ؛ فإنّ القول بكفاية الفاتحة في الأخيرتين موجود بين الأصحاب بل مشهور ، إلاّ أنّ القول بتعيين الفاتحة ممّا لم يذهب إليه أحد من الأصحاب ، وبقرينة وحدة السّياق يفهم أنّ المراد من الرّكعة في الفقرة الأخيرة أيضا هي الرّكعة المنفصلة بعد البناء على الأربع لا المتّصلة.
والقول : بعدم ظهور الفقرة الأولى في تعيين الفاتحة كما صدر عن بعض ؛ من حيث إنّ المقصود من قوله : « وهو قائم بفاتحة الكتاب » (١) هو بيان التّرخيص في قراءة الفاتحة ، وكونها من أحد فردي الواجب التّخييري سيّما بملاحظة وروده مورد توهّم عدم الكفاية ، مخالف للإنصاف ، كما أنّ القول : بأنّه لا ضير في التزام التّفكيك أيضا خلاف الإنصاف فتأمّل.
ثانيها : فهم الأصحاب فإنّهم لم يفهموا منها المعنى الأوّل ، بل فهموا منها المعنى الثّاني حسب ما يعلم من الرّجوع إلى كلماتهم.
__________________
(١) مرّ تخريجها قريبا فراجع.