أنّ الحكم الوضعي هو نفس المصلحة والمفسدة ، مع أنّك قد عرفت فساده ، وأنّه على تقدير التّسليم لا يمكن أن يكون مجعولا أيضا ، فالأمر في انتزاعيّة الحكم الوضعي على مذهب الأشاعرة أظهر منه بناء على مذهب العدليّة.
(١٢١) قوله : ( وإلاّ فالسّببيّة القائمة بالدّلوك ... إلى آخره ) (١). ( ج ٣ / ١٢٩ )
السببيّة من الأمور الاعتباريّة
أقول : أراد بذلك إثبات كون السّببيّة اعتباريّة ليست إلاّ ، وإن كانت على تقدير عدم اعتباريّتها غير قابلة للجعل أيضا ، فما ذكره بيان للواقع لكون تماميّة المطلب وهو استحالة تعلّق الجعل بالحكم الوضعيّ موقوفة عليه.
ثمّ إنّ الفرق بين ما ذكره أوّلا : من كون السّببيّة من الذّاتيات للدّلوك ، وما ذكره أخيرا : من كونها من الأوصاف الّتي أوجدها الشّارع لا من حيث كونه شارعا ، بل من حيث كونه خالقا وموجدا في الدّلوك باعتبار الفصل والخصوصيّة
__________________
(١) قال المؤسس المجدّد الطهراني قدسسره :
« وفيه : إنه إن أراد من إنشاء الوجوب عند الدلوك مجرّد المقارنة من غير أن يكون بينهما علقة العلّيّة فليس هذا معنى السببيّة ، ولا يصحّ إطلاق السبب على المقارن وإن كانت القضيّة دائمة ، وحصر السببيّة في هذا المعنى لا وجه له.
وإن أراد الإرتباط والعلقة فهو عين المدّعى ولا نعني بالسببيّة الاّ ذلك.
ولا وجه لمنع كونها صفة اوجدها الشارع في السبب ، وكيف لا يتعقّل ما لا يحصى من الشرعيّات كأسباب الحدث له واسباب الطهارة وهكذا إلى ما لا يحصى » إنتهى.
محجة العلماء : ج ٢ / ٢٠٣.