مناقشة ما أفاده بحر العلوم (١)
__________________
(١) قال المحقّق المؤسّس الطهراني قدسسره :
« [ وأمّا ما أفاده بعض السادة الفحول قدسسره ف ] فيه :
ما عرفت : انه أصل لا دليل على اعتباره عقلا ولا معنى لجعل دليل الأصل ومدركه عامّا والأصل الجاري في كلّ مورد باعتبار خصوصيّة المورد خاصّا ، بل الأصل ليس إلاّ هو الضّابط الكلّي والموارد إنما هي مجاري لها لا أفراد ، وهذا بناء على استفادته من الأخبار في غاية الوضوح ولا مجال لتوهّم كونه دليلا إن قلنا بانه أمر تعبّدي متلقّى من الشارع وليس تقديمه على العمومات من جهة انه خاصّ ، بل إنّما هو للتحكيم حيث إنّ حلّيّة الأشياء إنّما هي حلّيّة إقتضائيّة بحيث لا ينافي طروّ الجهة المحرّمة وقد ثبت التحريم بالغليان وحيث حكم ببقاء الحرمة الطارية بالإستصحاب فلا مجال لما دلّ على الحلّ حيث لا محرّم.
ومنه يظهر : الحال في سائر ما ذكره وزعم انّ تقدّم الإستصحاب إنّما هو من باب تخصيص العام بالخاص مع انه يتقدّم على كثير من الأصول أيضا ولا فرق بينهما في ذلك فيمكن أن يقال : إن قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( الناس في سعة ممّا لا يعلمون ) يدلّ على اعتبار أصل البراءة والأصل الجاري في كل مورد دليل على الحكم الثابت فيه وهو خاصّ أيضا ، فما الوجه لتقدّم الإستصحاب عليه؟ بل مقتضى ذلك تقدّم سائر الأصول أيضا على العمومات.
وبالجملة : فالأصل ليس إلاّ الوظيفة وكثرة الموارد لا ينافي حدوثها ولا معنى لتعدّد أصالة البراءة بتعدّد الشبهات ، ولا فرق بينهما وبين الإستصحاب من هذه الجهة ، بل المناط في تقديم الأصل على الدليل وتقدّم بعض الأصول على البعض إنّما هو الحكومة.
وبالجملة : فليس حال الأصل في موارده إلاّ كحال الدليل في موارده في عدم التعدّد بتعدّد الموارد ولا فرق بين أن يكون المستفاد من الدليل حكما واقعيّا أو وظيفة في كونه حكما واحدا وإن تعدّد الموارد والمجاري ، ولا يؤثّر اختلاف المورد في اختلاف الحكم ، ولا