عدم تعلّق الجعل بالأحكام الوضعيّة
أقول : توضيح القول في المقام بحيث يرفع به غواشي الأوهام والغبار عن وجه المرام يتوقّف على ذكر أمور :
الأوّل : أنّه قد تقرّر في محلّه : أنّ الموجود على ثلاثة أقسام : الموجود
__________________
بالخطاب كما في الدّلالة الالتزاميّة فان الإيجاب حينئذ يكون على حدة وبالاستقلال ، مع أنّ إنشائها حينئذ يكون لغوا كما لا يخفى.
وأمّا ما أورده قدسسره عليه :
بقوله : « أقول لو فرض نفسه حاكما ... ـ إلى آخره ـ ».
ففيه : انّه لا شهادة في مجرّد كون ( أكرم زيدا إن جاءك ) خطابا واحدا لإنشاء خصوص أحد الحكمين وانتزاع الآخر عنه لصدق ما ادّعاه قدسسره لأعميّته منه ، لوضوح عدم الملازمة بينه وبين صلاحية الوضع للجعل بخطاب آخر يخصّه كما لا يخفى.
وبقوله : « مع أنّ قول الشّارع ـ ... إلى آخره ـ ».
ففيه : أنّه إنّما يكون إخبارا عن تحقّق الوجوب عند الدّلوك إذا لم يمكن إنشاء الإيجاب قبل الدّلوك بملاحظته ، لعدم صلاحيته لأن يكون داعيا إليه لأجل ملائمته ومناسبته معه ، وإلاّ كان الخطاب بها يستتبع الإيجاب لاستلزام سببيّة المستكشفة به كذلك ، ويمكن أن يكون منشأ توهّم ذلك ، توهّم : انّ قضيّة السّببيّة هو الإيجاب بعد تحقّق الدّلوك ، كما هو الشأن في كلّ سبب مع سببه ، وهو فاسد أيضا ، فانّ سببيّته إنّما هو للفعل الاختياري للشّارع ، والسّبب بالنّسبة إليه ليس إلاّ الدّاعي ، ومن المعلوم أنّه بوجوده الإخطاري موثّر ، لا بوجوده الخارجي ، فافهم » إنتهى.
أنظر درر الفوائد : ٣٢٤ ـ ٣٣٠.