(٩٢) قوله : ( ومنها : أنّ الاستصحاب لو كان حجّة ... إلى آخره ) (١). ( ج ٣ / ١٠١ )
الوجه الثالث من الوجوه المزبورة
أقول : ظاهر هذا الدّليل كما ترى ، يعطي استحالة حجيّة الاستصحاب واعتباره ؛ إذ لازم المحال محال ، إلاّ أنّ مقتضى التّأمّل : أنّه ليس مراده من التّناقض هو التّناقض المعروف ، بل هو التّعارض في جميع موارد إرادة إجراء الاستصحاب. فلزوم التّعارض في جميع المقامات مع فرض عدم دليل على ثبوت الترجيح أو التّخيير في المقام يكشف عن أنّ الشّارع لم يجعل الاستصحاب حجّة ، وإلاّ لزم اللّغوية ؛ حيث إنّ المفروض عدم جواز الأخذ به ولو في الجملة ، فيكون جعله عبثا وقبيحا على الشّارع لو لم يرجع إلى الاستحالة الذّاتيّة بالملاحظة المذكورة.
__________________
(١) قال المحقق الخراساني قدسسره :
« الظاهر انه أراد استلزامه غالبا ، وإلاّ فربّما كان بيّنه الإثبات معتضدة بالاستصحاب كبيّنة من يدّعي بقاء ذمة مديونة مشغولة بدينه وهو يدّعي عدم اشتغالها به كما لا يخفي ، فالأولى أن يقرّر الاستدلال بأنّ الإستصحاب لو كان حجّة لكان ما يوافقه من البيّنتين أرجح بما يخالفه لاعتضادها به.
والتّحقيق في الجواب أن يقال : انّ الإستصحاب ان قيل بحجّيّته من باب الأخبار تعبّدا فلا يصلح لترجيح البيّنة أبدا ، إذ ليس من واديها كي يقويها وإن قيل بحجّيته من باب الظّنّ فلم ينهض دليل على التّرجيح به من خارج ، ولا دلالة لدليل اعتباره ولا لدليل اعتبارها على ذلك. نعم ، يرجع إليه في خصوص ترتيب آثار الواقع ، وأمّا مثل الحكومة وفصل الخصومة ممّا له موازين خاصّة فلا ، كما لا يخفى » إنتهى. أنظر درر الفوائد : ٣٢٣.