بيان مفاد سائر الأخبار الواردة في الباب
أقول : ما سمعت من الكلام كلّه إنّما هو في بيان وجه اختصاص الأخبار المشتملة على النّهي عن نقض اليقين بالشّك ، بالشّك في الرّافع. والكلام في المقام في بيان اختصاص سائر الأخبار الواردة في الباب به ؛ حيث إنّها مختلفة فبعضها مشتمل على لفظ « المضي » ، وبعضها على لفظ « الدّخل » و « الاختلاط » ، وبعضها على لفظ « دفع الشّك باليقين » ، وبعضها على « نقض الشّك باليقين وعدم الاعتداد به في حال من الحالات » إلى غير ذلك.
فقد يقال : إنّ المقصود منها هو المعنى الثّالث ؛ حيث إنّ الظّاهر منها ـ كما لا يخفى لمن تأمّل فيها ـ هو أنّ نفس تقابل اليقين السّابق والشّك اللاّحق بقول مطلق موجب للالتزام بمقتضى اليقين السّابق من غير فرق بين الشّك في المقتضي والشّكّ في الرّافع ، بل مورد بعضها مختصّ بالشّك في المقتضي ، كما في المكاتبة ؛ فإنّ مورده استصحاب بقاء الشّعبان والرّمضان.
ومن المعلوم أنّ الشّك فيهما ليس من قبيل الشّك في الرّافع بعد إحراز المقتضي ؛ حيث إنّ المستصحب فيهما نفس الزّمان الّذي لا رافع له ، بل يتجدّد شيئا فشيئا ، بل ستقف على الإشكال في تحقّق الاستصحاب موضوعا في الزّمان والزّماني ، وكيف يكون الشّك فيهما من الشّك في الرّافع ، وكذلك قوله في صحيحة زرارة : ( بل تنقض الشّك باليقين ) (١) صريح في عدم إرادة المعنى الثّاني ؛ ضرورة
__________________
(١) مرّ تخريجها.