أنّ الشّك ليس له مقتضي البقاء حتّى يشكّ في رافعه ، بل لا معنى له في المقام للقطع بوجوده ، فالمراد منه مجرّد رفع اليد عنه باليقين السّابق ، فيكون المراد من قوله ـ في صدرها ـ : ( فإنّ الشّك لا ينقض اليقين ) بقرينة المقابلة هو هذا المعنى.
وبالجملة : على تقدير تسليم ظهور الأخبار النّاهية عن نقض اليقين في الشّك في الرّافع لا بدّ من رفع اليد عنه بقرينة سائر الأخبار الظّاهرة في التّعميم ، أو من إبقائها على ظاهرها والعمل بغيرها في الشّك في المقتضي أيضا ؛ لعدم التّنافي بينهما كما لا يخفى هذا.
ويمكن القول بعدم ظهورها في التّعميم وعدم صلاحيّتها لصرف الأخبار المذكورة عن ظاهرها حسب ما ذكره الأستاذ العلاّمة ( دام ظلّه ) في « الكتاب ».
أمّا ما اشتمل عليه لفظ « المضي على اليقين السّابق » كالمرويّ عن « الخصال » (١) عن أمير المؤمنين عليهالسلام ؛ فلأنّ الظّاهر من المضي على اليقين السّابق هو الجري على مقتضاه وعدم رفع اليد عنه ، إلاّ برافع ؛ لأنّ الظّاهر من لفظ المضيّ كلّما يطلق هو الجري على الدّاعي السّابق وعدم التوقّف إلاّ لصارف ، فيتّحد مع الأخبار النّاهية عن نقض اليقين بالشّك مفهوما هذا. مضافا إلى ما ذكره في « الكتاب » : من عدم دلالة الرّواية على اعتبار الاستصحاب أصلا حتّى في الشّك في الرّافع ؛ لما قد تقدّم أنّ الظّاهر منها قاعدة أخرى غير الاستصحاب هذا.
ولكنك قد عرفت : منّا ومن الأستاذ العلاّمة : تماميّة دلالتها على اعتبار
__________________
(٣) الخصال للشيخ الصدوق قدسسره : ٦١٩ ، عنه الوسائل : ١ / ٢٤٧ ـ الباب الأوّل من أبواب نواقض الوضوء ـ ح ٦.