(٥٤) قوله : ( أقول : لا يخفى عليك أن الشّك واليقين لا يجتمعان ... إلى آخره ). ( ج ٣ / ٦٧ )
في انه لا يمكن إرادة الاستصحاب والقاعدة معا من الرواية
أقول : من الواضحات الغير المحتاجة إلى البيان : أنّ اليقين والشّك ممّا لا يجتمعان بأن يتعلّقا بشيء واحد من جميع الجهات في زمان واحد ؛ ضرورة تقابلهما وتنافيهما من حيث المفهوم ، فوجودهما لا يمكن إلاّ بتعدّد المتعلّق ، أو بتعدّد زمان وجودهما.
والتّعدد في المتعلّق : إمّا أن يكون بحسب الذّات وبحسب قيد من قيودها كالزّمان والمكان ونحوهما ، فالّذي هو معتبر في الاستصحاب هو تعدّد زمان متعلّق الشّك واليقين وإن اتّحد زمان الوصفين كما فيما فرضه الأستاذ العلاّمة من المثال ؛ لأنّك قد عرفت ـ في طيّ بعض كلماتنا السّابقة ـ : أنّه مع وحدة زمان المتعلّق وتعدّد زمان الوصفين لا يصدق الاستصحاب موضوعا الّذي قد عرفت :أنّه عبارة عن الإبقاء وإثبات ما ثبت في زمان ونحوهما من العبائر القريبة منها.
والّذي هو معتبر في القاعدة هو تعدّد زمان الوصفين مع وحدة زمان المتعلّق الّذي لازمه سراية الشّك اللاّحق إلى اليقين السّابق ، ولهذا يسمّى في لسان جمع بالشّك السّاري.
وقد عرفت معنى عدم نقض اليقين بالشّك في الاستصحاب ، وأنّه عبارة عن : انسحاب اليقين والالتزام بترتيب آثاره في زمان الشّك. وأمّا معناه في القاعدة : فهو الحكم بصحّة الاعتقاد في السّابق ومطابقته للواقع والالتزام بآثاره