تعريف المحقّق القمّي والوجوه التي وجّه بها والمناقشة فيها
وأمّا ما أفاده المحقّق القمّي في تعريفه فالظّاهر منه في ابتداء النّظر جعل الاستصحاب عبارة عن محلّه ومورده. ومن هنا حكم شيخنا قدسسره بكونه أزيف التّعاريف (١) ؛ لأنّ الإيراد على سائر التعاريف إنّما هو بملاحظة الإخلال الواقع
__________________
(١) قال المحقّق المؤسس الطهراني قدسسره :
« لم يظهر لنا وجه [ الأزيفيّة كالأسدّيّة ] ؛ إذ قد عرفت : ان الإبقاء ليس دليلا ، بل إنّما هو عمل المكلّف بل هو معنى الإستصحاب لغة ؛ لأن اتخاذ الشيء مصاحبا وإبقاءه على ما كان عند المكلّف معنى واحد فهو في الحقيقة تمسّك بالحدوث وإنكباب عليه وأين الإستدلال من الدليل؟!
ويندفع عنه الإشكال بالإستقراء والتمثيل وكون الشيء يقيني الحدوث مشكوك البقاء أقرب إلى الدليل من الإبقاء وإن كان الثاني أنسب بالمعنى اللغوي ؛ فإنّ للحالتين دخلا في الحكم الظاهري ، فكلّ منهما ركن في الإستصحاب ، فالدليل هو الحدوث فقط ، لكنّ الإستدلال يتوقّف على إحرازه والجهل بالبقاء ، ومن المعلوم ان ما يتوقّف عليه الإستدلال أقرب إلى الدليل من نفس التشبّث والإستناد وليس المقام ممّا يلاحظ فيه معنى الكلمة وليس تفسيرا للّفظ وشرحا لمدلوله.
[ نعم ، يرد على تعريف القمّي ] : أن اليقين بالحدوث طريق إلى إحراز الوجود السابق ، بل هو عين الإحراز ، والشك في البقاء مجرى الأصل ولا دخل لشيء منهما في الدليليّة وإن كان الإستدلال متوقّفا عليها ؛ فإنّ العلم بالنتيجة يتوقّف على العلم بالمقدّمتين وإنّما الدليل هو المعلوم ، وعدم كون الجهل دليلا أوضح ، فالشك له جهتان : كونه جهلا وكونه حالة وجوديّة