في بيان ما يعتبر في حقيقة الإستصحاب
توضيح ما ذكرنا : أنّ الاستصحاب المقابل للأصول الثّلاثة عندهم : عبارة عن حكم العقل أو الشّرع ببقاء ما ثبت بالمعنى الأعمّ من الوجود والعدم سواء كان حكما شرعيّا ، أو موضوعا خارجيّا ، أو غيرهما من حيث ثبوته سابقا ، فمجرّد الحكم بوجود الشّيء في الزّمان اللاّحق على طبق الحالة السّابقة من غير استناد إليها وملاحظتها فيه ـ المتحقّق في البراءة والاشتغال ـ ليس من الاستصحاب في شيء. وإن لوحظ من حيث كونه مشكوكا ، كما أنّ الحكم بوجوده لا حقا الّذي يعبّر عنه بالبقاء من حيث وجود علّته ودليله ليس منه جزما.
ومن هنا جعل الاستصحاب دليلا على البراءة والاشتغال في مجاريهما ، فالمتيقّن السّابق المشكوك لا حقا وإن كان معتبرا فيه ، إلاّ أنّه من حيث كونه موردا للحكم المتحيّث بالحيثيّة المذكورة لا من حيث كونه مأخوذا في الحقيقة والماهيّة ، فالحكم ببقاء المتيقّن السّابق المفروض من حيث كونه كذلك استصحاب.
نعم ، المراد من الحكم المذكور على التعبّد والأخبار : الحكم الإنشائي من الشارع في مرحلة الظّاهر بالبقاء بالملاحظة المذكورة. وعلى العقل : الحكم الإدراكي والتّصديق الظّني بالبقاء من الحيثيّة المذكورة ، ولو كان منشأ الظّنّ غلبة البقاء في الموجودات السّابقة كما سيأتي عن بعض ؛ فإنّ لوجود السّابق مدخلا فيه أيضا كما هو ظاهر.
والقول : بأنّه لا جامع بين المعنيين فلا يستقيم تعريف الاستصحاب بقول