__________________
يوجب كون المورد خاصّا صيرورة الحكم دليلا خاصّا ، وأين الحكم من الدليل مع انه صرّح بانّ الإستصحاب في كلّ شيء ليس إلاّ بقاء الحكم الثابت له ، ومن المعلوم ان البقاء حكم لا دليل ، وليس عنده بقاء عقلي يستدلّ به على البقاء الشرعي ولا مجال لتوهّم : ان البقاء الشرعي دليل.
ولقد أجاد في جعل الإستصحاب عبارة عن البقاء إلاّ انه صرّح قبل ذلك بانّه ثبوت الحكم لثبوته في الأوّل ، وقال في مقام إثبات حجّيّة الإستصحاب بالأخبار :
( فإن قلت : إن دليل ثبوت الحكم في الحالة الأولى وهي حالة اليقين إن عمّ الثانية أعني حالة الشك كان الحكم مستصحبا فيها مستمرّا إليها لبقاء الدليل وإستمراره ، وإن لم يعمّ الثانية كان الحكم مختصّا بالأولى غير متجاوز عنها إلى الثانية وإلاّ كان من غير دليل ).
ثم نقل كلام المحقّق قدسسره ثم قال :
( قلت : إن دليل الحكم لو عمّ الحالتين كان ثبوت الحكم في الثانية للنصّ لا للإستصحاب ؛ فإنّ الإستصحاب هو ثبوت الحكم لثبوته في الأولى لا لدليل ثبوته فيها ولا يلزم من انتفاء دليل الخاص وهو العموم في دليل الأولى أن يكون الحكم في الثانية من غير دليل ؛ لأنّ نفي الخاص لا يستلزم نفي العام ، والدليل في الثانية هو ثبوت الحكم في الأولى المستلزم لثبوته فيها بما مضى من الدليل على حجّيّة الإستصحاب.
وتوضيح المقال :
ان الدليل الدالّ على الحكم في الحالة الأولى لا يخلو إمّا أن يدلّ على ثبوته فيها وفيما بعدها أو يدلّ على ثبوته في الحالة الأولى خاصّة ولا يعلم منه حكم الثانية وجودا وعدما ، بل يكون مسكوتا عنه في ذلك الدليل ، ولا ريب انّ الحكم في الصورة الأولى يختصّ بالحالة الأولى ؛ إذ المفروض فيها دلالة النّص على انتفاءه في الثانية ، والإستصحاب ممتنع مع ذلك قطعا ، وفي الثانية يعمّ الحالتين ويكون الحكم في كلّ منهما ثابتا بنفس الدليل من غير أن