ممّا لا يكاد يخفى على أحد.
فإنّ الأوّل : من مقتضيات الذّات ولوازم الماهيّة من غير أن يكون بإيجاد الشّارع أو يكون بإيجاده بالنّظر إلى أصل الماهيّة على ما هو رأي جماعة من الحكماء : من تعلّق الجعل بلوازم الماهيّة أيضا فتدبّر.
والثّاني : من الموجودات بإيجاد الشّارع بالنّظر إلى ضميمة الفصل والخصوصيّة.
ثمّ إنّ الدّليل على ما ذكره هو ما تقرّر في محلّه : من أنّ الأسباب الشّرعيّة ليست كالأسباب العقليّة مؤثّرة في المسبّب وموجدة له ، بل إنّما هي معرّفات وكواشف عن وجود المسبّب عندها باعتبار وجود المصلحة المقتضية لإيجاب الشّارع ـ من باب اللّطف ـ الفعل عندها من حيث اقتضاء المصلحة ، لا من حيث تأثير السّبب ، وإن كان له دخل في مصلحة الفعل أيضا في الجملة ؛ لأنّ المنفيّ إنّما هي السّببيّة التّامة.
ثمّ إنّ ما ذكره ( دام ظلّه ) من قوله : ( هذا كلّه في السّبب ... إلى آخره ) (١) لا يخفى ما فيه من المسامحة ، وبالحريّ أن يذكر مكانه في السّببيّة والشّرطيّة والجزئيّة.
(١٢٢) قوله : ( وأمّا الصّحة والفساد ... إلى آخره ). ( ج ٣ / ١٢٩ )
أقول : ما ذكره راجع إلى تفسير المتكلّمين ، فالصّحة والفساد على مذهبهم من الأوصاف الّتي لا دخل لها بالجعل الشّرعي ، بل ربّما قيل : بعدم كونها من
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٣ / ١٢٩.