__________________
جزئيّة المشكوك أو وجوبه الغيري.
فإن قلت : لا وجه لجريان اصالة عدم الوجوب الغيري كي يكون حاكما على أصالة الاشتغال ، لأنّها إنّما تجري إذا كان الوجوب مشكوكا من أصله بان يفرض أنّ باقي الأجزاء تعلق بها أمر وشك في تعلق أمر آخر بالمشكوك فيقال : الأصل عدمه. وبعبارة أخرى : أنه يتم لو كان وجوب أجزاء المركب بأوامر متعدّدة وإيجابات فيؤخذ بالمتيقن وينفى المشكوك بالأصل ، وأمّا إذا علم بتحقّق أمر وإيجاب من الآمر ولم يعلم كونه متعلّقا بالأقلّ أو بالأكثر المشتمل على الجزء المشكوك كما هو كذلك فيما نحن فيه ، فليس تعلّقه بواحد منهما مطابقا للأصل ، وأصالة عدم تعلقه بكل منها معارض بالآخر لأنّه من قبيل المتباينين.
قلت : ليس كذلك بل المتعلق بالأخرة من قبيل الأقل والأكثر ، ونعلم أنّ الأقل قد صار متعلّقا للأمر المفروض المعلوم لا محالة ، إمّا لكونه تمام المطلوب او لكونه داخلا في المطلوب ، وإنما الشك في تعلقه بالأكثر بمعنى تعلقه بهذا الجزء المشكوك أيضا أم لا والأصل عدمه ، وكيف كان هذه الثمرة أعني اختلاف مقتضيات الأصول على القولين باب عظيم جار في الفقه من أوّله إلى آخره.
ومنها : أنه لو عقد بغير العربي أو مع تقديم القبول على الايجاب مثلا في بيع أو نكاح بفتوى من يجوّزهما ثم تبدّل رأي المجتهد ، أو عدل المقلّد إلى غيره ممّن يرى بطلان العقد الكذائي ، فعلى تقدير القول بثبوت الأحكام الوضعية وأنّ العقد سبب شرعي لحصول الملكية والزوجية الدائمة يحكم ببقاء المسبّب بعد العدول أيضا ، لأنّ السبب قد أثّر حين كونه سببا شرعا بفتوى الفقيه الملكية الدائمة ، وأمّا على القول بالعدم فلا يحكم ببقائه لرجوعه إلى جواز تصرف المشتري في المبيع وعدم جواز تصرف البائع فيه وجواز استمتاع الزوج من الزوجة ، وهذه الأحكام التكليفية الظاهرية لا يجوز العمل بها بعد تبدّل رأي المجتهد بل لا بدّ أن يعمل على طبق الرأي الجديد ، فيكون نظير ما إذا أفتي المفتي بوجوب