__________________
وكيف كان يرد على الدليل المذكور : منع لزوم معلومية جميع ما له مدخليّة في ثبوت الحكم تفصيلا بمعنى لزوم تشخيص جميع قيود الموضوع وتميّزه مفصّلا ، بل يكفي العلم بوجود جميع القيود الواقعيّة إجمالا وإن لم يعلم شخصها ، لتردّدها بين عدّة أمور كلّها موجودة ، وحينئذ نقول لو علم بوجود موضوع حكم العقل كذلك على نحو الإجمال فلا ريب أنّه عند زوال بعض تلك الأمور الذي يحتمل كونه دخيلا في مناط الحكم يحصل الشك في بقاء الحكم لتردّد الأمر بين مدخليّة الأمر الزائل في مناط الحكم وموضوعه حتّى يكون الحكم منتفيا وعدم مدخليّته ليكون باقيا ، مثلا إذا حكم العقل بأنّ الكذب المضرّ قبيح لكن لم يعلم بأنّ كونه مضرّا أيضا له دخل في مناط القبح وموضوعه أم لا بل من المقارنات إلاّ أنّه يعلم بوجود مناط القبح حين وجوده قطعا فإذا زال وصف الإضرار عنه بعد وجوده يشكّ في بقاء القبح.
وتحصّل من ذلك كلّه أنّ الشكّ في بقاء الحكم العقلي بهذا المعنى أمر معقول فسقط الدليل المذكور ، فانحصر الأمر في التشبّث بذيل الدليل الآخر وهو رجوع الشكّ في الحكم الى الشكّ في الموضوع ، ولا مجال للاستصحاب إلاّ بعد العلم ببقائه كما بيّنه في المتن ، لكن لا يخفى أنّ بيانه هنا لا يخلو عن اختلال لأنّه جعل في آخر كلامه استصحاب الموضوع الذي جعلناه قسما آخر في صدر العنوان تبعا للمصنّف على ما بيّنه في التنبيهات مفصّلا من هذا القبيل ، وهو خلط بيّن ، فإنّ المراد من الشكّ في الموضوع في ما نحن فيه فإنّ المراد من الشكّ في الموضوع في ما نحن فيه هو الشك في عنوان الموضوع الذي هو مناط الحكم والمراد من الشك في الموضوع الذي أشرنا إليه في صدر العنوان هو الشكّ في بقاء عنوان الموضوع مع العلم بكونه عنوان الموضوع.
وبالجملة الفرق واضح بين أن يشكّ في أنّ موضوع القبح الذي يحكم به العقل هو الكذب مطلقا أو بقيد كونه مضرّا ، وبين أن يشكّ في بقاء مضرّة الكذب الفلاني مع العلم بأنّ موضوع