أقول : لا يخفى عليك أنّ الشّك في الشّيء يطلق على ثلاثة معان :
أحدها : كون المشكوك نفس الشّيء الّذي دخلت كلمة في « عليه » كما هو الظّاهر الغالب في إطلاقه فيكون « في » إذن للتّعدّي والصّلة ، وهي بهذا المعنى تقدّر في المشكوك كما لا يذكر معه لفظه ، فهذا الإطلاق يكون جاريا على طبق الأصل
__________________
ومنها : انّ التقيّد بالمضيّ والتجاوز لا ينافي كون الشك في اصل الوجود ؛ فإنّ التجاوز والمضيّ ليس على حقيقتهما ؛ ضرورة انّ المعنى الحقيقي لا يمكن إلّا مع وجود الشّيء وهو مع انتفاء ما يعتبر فيه شرطا أو شطرا مستحيل بالضرورة ، فالأمر بالإمضاء أي : البناء عليه لا يجامع الشك في المضيّ إلّا إذا كان المضيّ المعلوم غير المضيّ المشكوك فيه.
والحاصل : انه لا إشكال في ان مفاد القاعدة البناء على المضيّ مع الشك في مضيّه فلا بدّ من الإختلاف بين المضيّ المعلوم الذي هو موضوع الأصل وبين المضيّ المأمور به الذي هو الحكم ولا فرق بين جهات الشك في الشيء مع انّ الشك في الركوع بعد ما سجد ، وفي السجود بعد ما قام لا إشكال في ظهورها في انّ المشكوك فيها أصل وجودهما.
ومنها : انّ التجاوز عن المحلّ بمعنى يغاير تجاوز الشّيء نفسه لا يمكن إرادته من هذه الروايات وأمّا التجاوز عن المحلّ بمعنى يصدق عليه التجاوز عن الشيء ومضيّه فليس وجها مغايرا لمضيّ الشيء نفسه.
ومنها : فإن إرادة الأعم من الشك في وجود الشيء والشك الواقع في الشيء الموجود لا مانع منها ؛ فإن الشك من جهة الشك في الجزء والشرط في الحقيقة شك في وجود الشيء ؛ ضرورة انتفاء الشيء بانتفاء ما يعتبر فيه شرطا أو شطرا » إنتهى.
أنظر محجّة العلماء : ٢ / ٣١٩ ـ ٣٢٠.