مستقصى في محلّه (١).
وبالجملة معاني الحروف معان آليّة ربطيّة جزئيّة لا يجوز جمعها في إطلاق واحد وليست ثمّة وحدة تجمعها حتّى تصير مصحّحة لإرادتها.
إذا عرفت ذلك فنقول : أمّا المعنى الثّالث فلا نتكلّم فيه ؛ إذ لا تعلّق له بالمقام وليس المراد من الأخبار يقينا ، وإنّما الأمر دائر بين الحكم بإرادة المعنى الأوّل من الأخبار ، أو الثّاني ، فالكلام يقع في مقامين :
أحدهما : في تعيين ما هو المراد من المعنيين.
ثانيهما : في بيان حكم كلّ من المعنيين ولازمه.
ما هو المراد من المعنيين الأوّليين؟
أمّا الكلام في المقام الأوّل :
فملخّص القول فيه : أنّه قد يقال : بكون المراد في جملة من الرّوايات هو المعنى الثّاني لا الأوّل ؛ حيث إنّ الظّاهر من المضي على المشكوك وتجاوزه والخروج عنه كون أصل وجوده مفروغا عنه ، وكون المراد من نسبة وقوع الشّك هو وقوعه فيه باعتبار بعض ما يعتبر فيه شرطا أو شطرا ، فالأخبار المشتملة على هذه الأمور ظاهرة في المعنى الثّاني لا الأوّل ، ولا محتملة لإرادة كلّ من المعنيين على حدّ سواء حتّى توجب الإجمال فيها.
وقد يقال : إنّ المراد منها المعنى الأوّل ؛ فإنّ إمضاء الشّيء لا يستلزم وجوده
__________________
(١) انظر بحث المعاني الحرفيّة في الوضع من ابحاث مقدّمة مباحث الالفاظ من الكتب الأصوليّة.