تعارض الاستصحاب مع أصالة البراءة
الأوّل : في حكم تعارض الاستصحاب مع أصالة البراءة :
فنقول : إنّه لا ريب في وروده عليها وإن كان مدركها العقل ؛ ضرورة إناطة حكم العقل بالبراءة بعدم وصول البيان من الشّارع للحكم ولو في مرحلة الظّاهر والجهل وعدم العلم بجميع مراتب الحكم من غير فرق بين الحكم الواقعي والظّاهري ، لانقطاع عذر المكلّف بكلّ منهما هذا. مضافا إلى ما عرفت مرارا وستعرفه : من عدم إمكان التّعارض والتخصيص ، بل الحكومة بالنّسبة إلى القضايا العقليّة.
نعم ، هنا فرض يحكم فيه بحكومة البراءة ولو كان مدركها العقل على الاستصحاب ولو كان مبناه على الظّن فضلا عن التّعبّد قد أشرنا إليه في الجزء الثّاني من التّعليقة عند الكلام في مسألة الأقلّ والأكثر (١) ؛ فإنّا قد حكمنا فيه بتقديم أصالة البراءة عن الأكثر على استصحاب بقاء التّكليف والشّغل على تقدير الإتيان بالأقلّ على تقدير تسليم جريانه في قبال من تمسّك به للقول بالاشتغال في المسألة ؛ من حيث إنّ نفي التّكليف بالأكثر من أوّل الأمر قبل الإتيان بالبراءة في حكم تعيين المكلّف به من أوّل الأمر فلا تردّد فيه حتّى يجري فيه الاستصحاب.
لكنّه كما ترى ، خارج عن مفروض البحث ؛ من حيث عدم اجتماعهما في
__________________
(١) بحر الفوائد : ج ٢ / ١٥٧.