تنبيهان
وينبغي التّنبيه على أمرين :
الأوّل : أنّه قد يوجد شيء في زمان ويشكّ في مبدئه ، فيحكم بتقدّمه من جهة أصالة التّقدّم وتشابه الأزمان. وقد يسمّى ذلك بالاستصحاب القهقرى مجازا ، وقد عرفت في طيّ كلماتنا السّابقة : أنّ هذا المعنى غير معتبر عندنا ، وأنّه لا دخل له بالاستصحاب موضوعا ، بل هو على عكس الاستصحاب كما لا يخفى.
نعم ، قد يكون تأخّره ملازما لحدوث حادث آخر قبله فبأصالة عدم حدوثه يحكم بتقدّمه.
فإن كان فيما نقول باعتبار الأصول المثبتة فيه كما في باب الألفاظ فلا إشكال في العمل عليه ، كما إذا شكّ في الوضع اللّغوي بعد العلم بالوضع العرفي ، ولكنّه لا دخل له بالاستصحاب القهقري ، بل ولا دخل له بالاستصحاب. فإنّك قد عرفت : أنّ اعتبار الأصول اللّفظيّة لا دخل له بمسألة الاستصحاب ، بل من باب بناء العقلاء عليها من جهة الظّن.
وإن كان فيما لا نقول باعتبار الأصل المثبت فيه ، فلا إشكال في عدم جواز العمل عليه.
وممّا ذكرنا كلّه تعرف النّظر فيما ذكره الأستاذ العلّامة ؛ فإنّ إثبات التقدّم بأصالة عدم وجود الحادث الآخر الّذي يكون الشّك في التّقدم مسبّبا عنه لا دخل له بالاستصحاب القهقرى كما لا يخفى.
الثّاني : أنّ ما ذكرنا كلّه من الحكم في الشّك في الحادثين إنّما هو مع قطع