الفرق بين الحكومة والورود والتخصيص
والفرق بين هذه الثّلاثة مفهوما لا يكاد يخفى على ذي مسكة ؛
فإنّ الأول : هو رفع الحكم عن الموضوع المندرج تحت ما يشمله بحيث يكون بلسانه ناظرا إلى رفع الحكم مع بقاء الموضوع على حاله ، فيحكم العقل ـ بعد التّنافي بينهما وأرجحيّة التّخصيص برفع اليد عن العام والحكم ـ بأنّ المراد منه غير مورد الخاصّ. ولازمه كما ترى ، وحدة الموضوع حقيقة فهذا لا ينفكّ عن التّعارض بالضّرورة ، لكن هذا فيما إذا لم يكن الخاصّ نصّا بحسب الدّلالة بل كان أظهر ، وإلّا فهو وارد على العام أو حاكم على ما ستقف على تفصيل القول فيه ، فإطلاق القول مبنيّ على ما ذكرنا فتدبّر.
والثّاني : هو الورود وهو كون أحد الدّليلين بوجوده رافعا لموضوع الدّليل الآخر على فرض وجوده كالدّليل العلمي في مقابل الأصول ، ومثله مطلق ما ٣ / ١٨٤ يكون معتبرا في مقابل أصالة البراءة وأصالة الاحتياط والتّخيير على القول باعتبارها من باب العقل إلى غير ذلك من الأمثلة ، فلازم هذا كما ترى المنع من تحقّق التّعارض ؛ لأنّه يشترط فيه وحدة الموضوع وتوارد المتعارضين عليه بطريق التّناقض ، أو التّضاد.
والثّالث : كون أحد الدّليلين بمدلوله اللّفظي ناظرا إلى الدّليل الآخر ومفسّرا لمقدار دلالته بحيث لو لم يكن المحكوم موجودا لكان الحاكم لغوا. وبعبارة أخرى : ما كان أحد الدّليلين بلسانه ناظرا إلى إخراج ما يكون داخلا في موضوع