إذا عرفت هذا فلنشر إلى دليل اعتبار حكم العرف في المقام وإن كان مخالفا لما استفيد من الشّرع والدّقة (١) العقليّة ، ووجه الفرق بين المقام وسائر المقامات الّتي لم نلتزم ولم يلتزم المحقّقون فيها باعتبار المسامحة العرفيّة مع التزامهم به في المقام ، كما يظهر من تمسّكهم باستصحاب الكرّيّة وأمثاله من غير إشكال فيه.
الوجه في اعتبار المسامحة العرفيّة في المقام
فنقول : إنّ الوجه في اعتبار المسامحة العرفيّة في المقام هو : أنّه بعد حكمهم باتّحاد القضيّتين يصدق النّقض على ترك الالتزام بما كان محمولا في القضيّة الأوليّة المتيقّنة قطعا ، كما أنّه يصدق على الالتزام به : أنّه إبقاء للمتيقّن السّابق ٣ / ١٧٥ جزما ، فالمسامحة وإن وقعت منهم في جعل المعروض الأعمّ من الواجد للوصف العنواني الّذي كان موضوعا في الأدلّة الشّرعيّة والفاقد له ، إلّا أنّ صدق النّقض والبقاء على التّقديرين حقيقي غير مبنيّ على المسامحة.
والمفروض أنّ المتّبع بناء على القول باعتبار الاستصحاب ليس إلّا صدق المفهومين بحكم العرف ؛ فإنّه المتّبع في باب الألفاظ.
لا يقال : كيف يعقل أن يكون اتّحاد القضيّتين من باب المسامحة العرفيّة ويكون صدق المفهوم مبنيّا على الحقيقة مع أنّ من المستحيل عقلا اختلاف الحكم المبني والمبنيّ عليه؟
لأنّا نقول : اختلاف حكم المبنيّ والمبنيّ عليه في أمثال المقام ممّا لا ضير فيه ، ألا ترى أنّ الاستعارة بناء على مذهب التّحقيق حقيقة؟ مع أنّ كون المستعار
__________________
آشتيانى ، محمدحسن بن جعفر ، بحر الفوائد فى شرح الفرائد ـ قم ، چاپ : اول ، ١٣٨٨ ش.