* التنبيه الثالث (١)
عدم جريان الاستصحاب في الاحكام العقليّة
__________________
(١) قال المحقق المؤسس الطهراني قدسسره :
« إن المناط في جريان القاعدة الشريفة ـ وهي الأخذ بالإقتضاء وعدم الإعتداد باحتمال المانع ـ إنّما هو كون الشك من جهة الرّافع والمزيل ، من غير فرق بين كون المستصحب موضوعا أو حكما شرعيّا أو عقليّا أو عرفيا ، ومن الواضح انّ الموضوع بمنزلة العلّة الماديّة للحكم وعدم الرّافع إنّما له مدخليّة في العلّة الفاعليّة ، بل قد عرفت : ان الرّافع بوجوده يؤثّر في إزالة الأثر لا أن عدمه دخيل في التأثير.
وكيف كان : فالعلّة الفاعليّة لا يعقل مدخليّتها في الموضوع ؛ ضرورة تأخير الفاعل عن المادّة رتبة ، فمخالفة الخبر والقضيّة للواقع يقتضي قبحه والإشتمال على إنجاء النبي ـ مثلا ـ يمنع من تأثيرها في القبح قطعا ، وحيث شك في كون الإشتمال على مصلحة أخرى أيضا هل هو رافع له أم لا؟
فمقتضى الإستصحاب عدم الاعتناء بهذا الإحتمال والبناء على ما يقتضيه المخالفة للواقع ، ولا فرق من هذه الجهة بين ما يستقلّ العقل بإدراكه وبين ما يتوقّف على بيان الشارع أو تشريعه ؛ فإنّ الحكم في القضيّة الواقعيّة في جميع المراحل على نسق واحد ، ووجود المقتضي والشرط وعدم المانع لا يختلف بها حال الموضوع وهو معروض الحكم في نفس الأمر وإنّما يختلف بوجود العلّة وعدمها حال الحكم وجودا وعدما.
وبما حقّقناه تبيّن ما فيما أفاده الاستاذ العلّامة أعلى الله مقامه حيث قال : ( انّ المتيقّن السابق إذا كان ممّا يستقلّ بإدراكه العقل كحرمة الظلم وقبح التكليف بما لا يطاق ونحوهما من المحسنات والمقبّحات العقليّة فلا يجوز استصحابه لأن الإستصحاب ... إلى آخره ). » إنتهى. أنظر محجّة العلماء : ٢ / ٢٥٥.