الحلّيّة والحرمة حتّى ينافي ما ذكرنا هذا.
وقد ذكرنا بعض الكلام فيما يتعلّق بشرح الرّواية ودفع الإشكال عنها في الجزء الثّاني من التّعليقة (١) فراجع إليه هذا شأن قاعدة البراءة بالنّسبة إلى استصحاب التّكليف.
وأمّا استصحاب البراءة المقابل لاستصحاب التّكليف ، فهو على تقدير إمكانه وتصوّره خارج عن مفروض البحث ؛ لأنّه داخل في تعارض الاستصحابين لا تعارض الاستصحاب والبراءة ، إلّا أنّ الشّأن في إمكانه ؛ حيث إنّ الحالة السّابقة للشّيء الواحد لا يمكن أن يكون التّكليف وعدمه ، إلّا أن يفرض خروجه عن الوحدة ورجوعه إلى تعدّد الموضوع ولو باعتبار من الاعتبارات ، كما هو مبنى ما تقدّم عن بعض أفاضل مقاربي عصرنا فيما سلكه من إيقاع التّعارض بين استصحابي الوجود والعدم. هذا بعض الكلام في حكم تقابل الاستصحاب مع البراءة.
ثمّ إنّ ما ذكرنا من عدم وقوع التّعارض الحقيقي بين الاستصحاب والبراءة ٢٢٣ / ٣ على كلّ تقدير وإن كان أمرا ظاهرا لا سترة فيه أصلا ، إلّا أنّ كلمات جمع من الأصحاب سيّما الشّيخ والمحقّق والعلّامة في جملة من كلماتهم لا يساعد عليه كما يظهر بالتّصفح فيها ، فلعلّ الوجه كون مبنى الأصلين عندهم على الظّنّ النّوعي الحاصل من ملاحظة الحالة السّابقة أو غيرها فتأمل.
تعارض الاستصحاب مع الاحتياط
__________________
(١) بحر الفوائد : ج ٢ / ٥٤.