الكلام في المقام الثالث
ولنقدّم الكلام في المقام الثّالث على الكلام في المقام الثّاني لتقدّمه عليه ببعض الاعتبارات ومجمل القول فيه : أنّه قد تكرّر في لسان ثاني الشّهيدين في « المسالك » (١) و « الرّوضة » (٢) القول باختصاص القرعة بما له تعيّن في الواقع مجهول في نظر المكلّف ، وقد استند فيه ظاهرا إلى ظهور الأخبار في ذلك حسبما هو ظاهر لكلّ من راجع إليها.
ولكنّ الّذي يقتضيه النّظر تبعا للأستاذ العلّامة ( دام ظلّه ) وبعض الأجلّة ممّن قارب عصرنا ثبوت الإجماع على عدم الفرق ؛ إذ المراد من عدم الخطأ في أخبار القرعة أعمّ من الإيصال إلى الواقع المجهول أو الّذي أحقّ بالتّقديم في نظر الشارع هذا. مضافا إلى أمر الإمام عليهالسلام بالإقراع في كثير من الموارد الّتي ليس فيها واقع مجهول أصلا ، والظّاهر عدم التّفصيل.
وبالجملة : كلّ من راجع كلمات الأصحاب يعلم أنّه لا فرق في اعتبار القرعة بين الموردين وهو مقتضى بعض الأخبار العامّة أيضا ، ولا ينافيه اختصاص أكثر أخبارها بما له واقع مجهول ، ضرورة عدم مفهوم لها يعارض ما يقتضي بعموم اعتبارها هذا مجمل الكلام في تشخيص مجراها بالنّسبة إلى الموردين.
__________________
(١) مسالك الفهام : ج ١٠ / ٢٨٢.
(٢) الروضة البهية : ج ٣ / ٣٤١.