لا وجه لاستصحاب البراءة الأصليّة رغم اشتهاره
فمنها : استصحاب البراءة الّذي قد اشتهر بينهم وقد تمسّكوا به في باب البراءة في الأصول لإثبات اعتبار أصالة البراءة في قبال الأخبار به ، وفي كثير من الفروع في الفقه يقف عليه من راجع إلى كلماتهم.
وأنت خبير بفساد التّمسك به ؛ حيث إنّ خلو الذّمّة الّذي يحكم به العقل الرّاجع إلى حكمه بقبح العقاب من غير وصول البيان إلى المكلّف ليس قابلا للاستصحاب ؛ لعدم الشّك فيه أصلا ، حتّى يجري الاستصحاب فيه ، بل العقل يحكم به دائما ، فلا معنى لأن يقال : إنّه قبل الشّرع أو العثور عليه كان المكلّف عالما ببراءة ذمّته عن الغسل في يوم الجمعة ، أو الاستهلال مثلا فتستصحب البراءة عند الشّك في حدوث الاشتغال.
توضيح الفساد :
أنّه إن أريد من العلم بالبراءة في الزّمان السّابق هو العلم بعدم استحقاق العقاب كما هو الظّاهر.
ففيه : أنّ هذا المعنى ممّا لا يعرضه الشّك أبدا لاستقلال العقل به في الزّمان الثّاني أيضا لوجود ما هو العلّة التّامة لحكمه به فيه وهو عدم وصول البيان.
وإن أريد بالمستصحب عدم التّكليف الأزلي ؛ من حيث عدم الموضوع ، أو عدم قابليّته كما في غير المميّز.
ففيه : أنّا نقطع بانتفاء هذا الموضوع في حال الشّك ، فلا معنى لاستصحابه.