واندفاع ما أورده عليهم بعض أفاضل من تأخّر (١) : من أنّ الحكم العقلي قد يكون وجوديّا ، وقد يكون عدميّا ، وقد يكون وضعيّا ، وقد يكون تكليفيّا. فلا معنى لاختصاص جريان الاستصحاب في الحكم العقلي بالعدمي ؛ حيث إنّك قد عرفت :
أنّ مرادهم ليس استصحاب حكم العقل ، وإنّما هو استصحاب ما ثبت في مورد حكم العقل ، لا استصحاب حكم العقل حتّى يتوجّه عليه ما أفاده قدسسره.
نعم ، لو كان المراد ما هو الظّاهر من عبارة الكتب لتوجّه عليهم إيراده لكن عرفت أنّ مرادهم ليس على طبق ظاهره وأنّ المعنى المذكور لا يتصوّر بالنّسبة إلى الأمر الوجودي فلذا خصّوه بالعدمي.
هذا حاصل ما ذكره الأستاذ العلّامة في دفع ما أورده الفاضل المذكور على القوم : في تخصيصهم استصحاب حكم العقل بالبراءة الأصليّة.
ولكنّه لا يخلو عن تأمّل يعرف وجهه من التّأمّل فيما ذكرناه في طيّ كلماتنا السّابقة المتعلّقة بالمقام فلا نعيد فيه الكلام.
وممّا ذكرنا كلّه يظهر لك : فساد ما سلكه جماعة من التّمسّك باستصحاب الحكم العقلي كثيرا في الأصول وفي الفروع ، ونحن نشير إلى جملة منها حتّى تعرف حقيقة الحال فيما نطوي ذكره في هذا المضمار.
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٣٦٦.