إشكال ودفع
أقول : قد يستشكل فيما ذكره : بأنّ ظاهر التّعليل هو عدم الاعتناء باحتمال عدم الإتيان بشيء من العمل غفلة أو نسيانا بالاحتمال عدم الإتيان بشيء منه عمدا ؛ لأنّ الأذكريّة حين العمل إنّما يصلح علّة لإلقاء الاحتمال الأوّل
__________________
بالشك في العمل من جهة الشك في الإبراء المعلومة دليلا على عدم التعمّد في الترك ، ففساده واضح ؛ فإن المفروض الشك في التعمّد في الترك وعدمه ، والمقصود استفادة الحكم بالصحّة تعبّدا من الرواية وإن أراد انه خلاف ظاهر كونه في مقام الإبراء بحيث يجامع احتمال التعمّد المحوج إلى التعبّد بالصحّة فهو أمر معقول ، ولكنّه حكمة للحكم لا دليل على تقدير وقوعه في الرّواية مع انه لا عين منه ولا أثر ولا ملازمة بين الغاء احتمال الغفلة وبين إلغاء احتمال تعمّد الترك.
والحاصل : انّ المستفاد من الرّواية بقرينة التعليل ليس إلّا عدم الاعتداد بالشك اذا كان ناشئا من احتمال الغفلة وليس فيها ما يشعر بإلغاء احتمال التعمّد في الترك » إنتهى.
أنظر محجّة العلماء : ٢ / ٣٢٣ ـ ٣٢٤.
* وقال المحقق السيّد صاحب العروة قدس سره :
« لا يخفى انّ مقتضى التعليل بقوله عليهالسلام : ( هو حين يتوضّأ أذكر ) اختصاص القاعدة بما احتمل ترك الجزء نسيانا ؛ إذ الترك العمدي لا ينافيه الأذكريّة كي يحكم بنفيه ، بل يلزم الذكر فإذا كان مورد القاعدة دائر مدار التعليل يخرج الترك العمدي عن موردها ولا ينفع انضمام الكبرى المتقدّمة أعني : قوله : ( فإذا كان أذكر فلا يترك ما يعتبر في صحّة عمله الذي يريد براءة ذمّته ) [ فرائد الأصول : ٣ / ٣٤٣ ] لأنّ تلك الكبرى بالنسبة إلى الترك العمدي خال عن الدليل ، اللهم إلّا أن يدّعى انه يفهم من الأذكريّة حين العمل انه لا ينسى ولا يتناسى ، اعني بالترك العمدي فتأمّل » إنتهى. أنظر حاشية فرائد الأصول : ٣ / ٣٧٦.