عدم جريان استصحاب الحكم الشرعي المنكشف من حكم العقل (١)
وأمّا الكلام في المقام الثّاني : وهو إمكان جريان الاستصحاب في الحكم الشّرعي التّابع للحكم العقلي ، أي : المستكشف منه بقاعدة التّلازم بينهما ، فالّذي صرّح به الأستاذ العلّامة : إمكان جريان الاستصحاب فيه مع قطع النّظر عن تسبّب الشّك فيه عن الشّك في الموضوع وتردّده بين ما هو باق واقعا قطعا وبين ما هو
__________________
(١) وعلّق المحقّق المؤسس الطهراني قدسسره على كلمة استاذه الشيخ الأعظم قدسسره : ( فإن قلت : فكيف يستصحب الحكم الشرعي مع انه كاشف عن حكم عقلي مستقلّ ... إلى قوله : وإن كان موردا للقبح ) [ فرائد : ٣ / ٢١٦ ] :
« وفي كلّ من الإعتراض والجواب نظر :
أمّا الأوّل : فلأن المنشأ للإعتراض إنّما هو كون القضيّة الواقعيّة على نسق واحد في اعتبار القيود في موضوعها ولا دخل لكونها مدركة بالعقل في ذلك ، فيتوجّه الإشكال حتى لو لم يكشف الحكم الشرعي عن الحكم العقلي المستقلّ.
وأمّا الثاني : فلما عرفت : من ان التسامح في الموضوع لا ينافي استقلال العقل بإدراك الحكم.
وأمّا التفريع الذي افاده بقوله : ( ومن هنا ... إلى آخره ).
ففيه : ان البراءة الأصليّة يستصحب وإن لم يكن لتحقّقها مدرك غير قبح الخطاب بالنّسبة إلى غير المميّز والمجنون ، فحيث ثبت عدم تكليف بالنسبة إلى الشخص عقلا قبل التميز فالشك في اشتغال الذمّة بعد البراءة شك في الرّافع ولا حاجة في جريان الإستصحاب إلى بيان الشارع للعدم الأزلي ، ولهذا سمّوه باستصحاب حال العقل ولم يتأمّل أحد في جريان الأصل من هذه الجهة » إنتهى. أنظر محجّة العلماء : ٢ / ٢٥٧.