ثمّ ذكر وجه افتراق المسلم عن الكافر بوجوه أربعة : يرجع حاصل أحدها إلى أنّه لا دليل على نفي القبيح عن الكافر بخلاف المسلم ، وحاصل باقيها : أنّ الأصل المذكور إنّما هو ثابت بالنّسبة إلى فعل المسلم في الجملة ، لا مطلقا حتّى فيما ثبت عدم صحّة فعله وترتّب الأثر عليه ، أو يحمل على كونه صحيحا في مذهبنا.
وأنت خبير بأنّ ما ذكره قدسسره : من أنّ الأصل في جميع الموجودات الصّحة مستندا إلى ما يرجع حاصله إلى أنّ الفساد إنّما يطرأ على الموجود مطلقا ، وإلّا فهو بالنّظر إلى ذاته وطبيعته يقتضي الصّحة والسّلامة عن النّقض وإن لم يكن خاليا عن النّظر ، بل المنع ـ على ما ستقف عليه أيضا وصرّح به جماعة ـ إلّا أنّ المقصود من ذكر كلامه تحقيق ما حكينا عنه.
جريانها في فعل غير البالغ
الثّاني : أنّه صرّح الأستاذ العلّامة في مجلس البحث بجريان أصالة الصّحة في فعل الغير البالغ أيضا فيما يقسّم فعله إلى قسمين ، ويكون له صحيح وفاسد كهبة من بلغ عشر سنين ، وصدقته ، ووقفه ، وعتقه على القول بصحّتها منه في الجملة ، والظّاهر أنّ الأمر كما ذكره ( دام ظلّه ) وإن كان خلاف ظاهر كلماتهم في باديء النّظر لكنّه غير مناف له بعد التّأمل فيها.
وبالجملة : يدلّ على ما استظهرناه وصرّح به الأستاذ العلّامة : جريان السّيرة على حمل فعله على الصّحيح فيما كان له صحيح عند دوران الأمر بين الصّحيح والفاسد ، وهذا ظاهر لا سترة فيه عند التّأمّل إن شاء الله ، لكن الصّبي مثل الكافر