وجه تسمية الدليل بالإجتهادي والأصل بالفقاهتي
ثمّ إنّه لا إشكال فيما ذكره من الفرق المفهومي بين الدّليلين إلّا أنّ الكلام يقع في مواضع :
أحدها : في وجه تسمية الأوّل بالدّليل الاجتهادي. والثّاني بالفقاهتي.
فنقول : إنّ الوجه فيها يعلم بالمناسبة الّتي ذكروها في تعريف الاجتهاد : بأنّه استفراغ الوسع في تحصيل الظّن بالحكم الشّرعي. وتعريف الفقه : بأنّه العلم بالأحكام الشّرعيّة الفرعيّة بناء على كون المراد من الأحكام الأعمّ من الأحكام الظّاهريّة ؛ فإنّ تحصيل الظّن المعتبر بالحكم الشّرعي لا ينفكّ عن العلم بالحكم الظّاهري كما هو واضح ، فالدّليل الاجتهادي لمّا كان ناظرا إلى الواقع ويحصل الظّن منه به ولو نوعا سمّي بالدّليل الاجتهادي.
وأمّا الأصل فلمّا لم يكن مناط اعتباره حصول الظّن منه ، وإنّما الحاصل ممّا دلّ عليه العلم بالحكم الظّاهري فلذا سمّي بالدّليل الفقاهتي ؛ فإنّ الدّليل الاجتهادي وإن كان يحصل منه العلم بالحكم الظّاهري أيضا ، إلّا أنّه لمّا كان فيه جهة الكشف عن الواقع لا محالة وأرادوا الفرق بينه وبين الأصول في تسمية الدّليل ، فلذا سمّوا الدّليل بالاجتهادي والأصل بالفقاهتي.
ثانيها : أنّ ما ذكر من التّعريف للدّليل الاجتهادي والفقاهتي وإن كان ظاهره الاختصاص بما إذا كان موردهما الحكم النّفس الأمري الفرعي ، إلّا أنّ الأمر ليس