الكلام في القرعة وشرح القول فيها
أقول : الكلام في القرعة : قد يقع في أنّها من الأمارات أو الأصول ، وقد يقع على تقدير كونها من الأصول في حكم تقابلها مع الاستصحاب وغيره من الأصول. وقد يقع في تشخيص موارد جريانها من حيث عمومها لكلّ مشكل ، أو اختصاصها بالمشتبه ، فلا يجري فيما إذا لم يكن هناك واقع مجهول ومن حيث اختصاصها بالشّبهة الموضوعيّة الصّرفة ، أو يعمّ كلّ مشتبه. وقبل الخوض في المطلب ينبغي الإشارة إلى ما يدلّ على مشروعيّة القرعة فنقول :
أمّا أصل مشروعيّة القرعة فهو ممّا لا خلاف فيه بين المسلمين ، بل إجماعهم عليه بحيث لا يرتاب فيه ذو مسكة ، ويكفي في القطع بتحقّق الإجماع ملاحظة الإجماعات المتواترة المنقولة في ذلك من زمان الشّيخين إلى زماننا هذا كما هو واضح لمن راجع إلى كلماتهم ، بل يمكن دعوى الضّرورة الفقهائيّة عليه ويدلّ عليه ـ قبل الإجماع ـ : الكتاب والسّنة.
أمّا الكتاب : فقد قال الله سبحانه في بيان أحوال يونس النّبي عليهالسلام : فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١) أي : فقارع فصار من المغلوبين بالقرعة ، وأصل المدحض الزّلق.
__________________
بالتّخصيص وعمل الأصحاب أو معظمهم في مورد يوجب ذلك بلا ارتياب ، فلا يكون احتمال المخصّص بالنّسبة إليه إلّا احتمالا بدويّا ، فيكون أصالة العموم لا مانع عنها » انتهى.
أنظر درر الفوائد : ٤١١ ـ ٤١٣.
(١) الصافات : ١٤١.