استصحاب الكرّيّة والقلّة الّذي عرفت الكلام فيه غير مرّة ، وفي استصحاب الأمور التّدريجيّة والأعراض المتصرّمة.
وبالجملة : لا ينبغي الإشكال في مساعدة العرف في الحكم باتّحاد القضيّتين ولو مسامحة وفي كلّ مورد لم يحكموا باتّحاد القضيّتين لم يحكم بجريان الاستصحاب فيه وإن كان الموضوع باقيا بالنّظر إلى الدّقة العقليّة أو الأدلّة الشّرعيّة ، كما في بعض مراتب استحالة المتنجّسات بناء على كون المعروض للنّجاسة فيها الجسم من حيث هو جسم ، كما إذا صارت دخانا ؛ فإنّ الدّخان وإن كان جسما أيضا بالنّظر إلى الدّقة العقليّة ، إلّا أنّه لا يحكم العرف باتّحاد القضيّتين بعد استحالة الخشب إليه كما لا يخفى.
وبالجملة : انفكاك حكم العرف عن الميزانين السّابقين في الجملة ممّا لا شبهة فيه ، كما أنّ أصل وجوده في الجملة أيضا ممّا لا إشكال فيه ، إنّما الإشكال في اعتبار حكم العرف المبتني على المسامحة في المقام ، مع أنّ من المحقّق في محلّه عدم اعتباره في غير المقام ، كما في موارد التّحديدات : كما في الكيل والوزن والمسامحة ونحوها. ومن هنا ذكر المحقّقون : أنّ الأصل في التّحديد أن يكون تحقيقا.
ثمّ اعلم أوّلا : أنّ تشخيص الموضوع في الدّليل الشّرعي إذا كان لفظيّا وإن كان بحكم العرف ، إلّا أنّه لا دخل له بالمقام ولا شبهة في اعتباره من حيث رجوعه إلى تشخيص المراد من اللّفظ بفهم العرف الّذي لا شبهة في اعتباره ، ولا دخل له بمسألة حكم العرف من باب المسامحة في الصّدق وهذا أمر لا سترة فيه أصلا ، والفرق بين المقامين لا يكاد يخفى على من له أدنى دراية.