النّظر عن الحالة السّابقة قبل العلم بهما ، أي : من حيث اقتضاء نفس الشّك في التّقدّم والتّأخر ؛ إذ هو محطّ البحث في الشّك في الحادث كما لا يخفى.
وأمّا إذا فرض وجود الحالة السّابقة هناك ـ كما فيما علم بصدور حدث وطهارة منه وشكّ في المقدّم منهما مع العلم بكون الحالة السّابقة الطّهارة أو الحدث. وكما فيما غسل الثّوب النّجس بماءين يعلم بطهارة أحدهما ونجاسة الآخر إلى غير ذلك ـ فهل يؤخذ بمقتضى الحالة السّابقة ، أو يؤخذ بخلافها وضدّها ، أو لا يؤخذ بشيء منهما ، بل يرجع إلى الأصول ، أو يفصّل بين العلم بتاريخ أحدهما والجهل بتاريخهما فيؤخذ في الأوّل بالثّاني ، وفي الثّاني بالأوّل؟ وجوه بل أقوال.
في الجملة قد يقال : بأنّ الأوجه ثاني الوجوه ؛ لأنّ مقتضى العلم بوجود الحادثين اللّذين يقتضي أحدهما رفع الحالة السّابقة العلم بارتفاعها ووجود ضدّها ، ولمّا لم يعلم تقدّمه على ما يقتضي حدوث مثل الحالة السّابقة في المحلّ القابل وتأخّره عنه ، فيشكّ من أجل هذا الشّك في ارتفاع الضدّ فيستصحب وجوده.
فإن قلت : قد ذكرت غير مرّة : أنّه يعتبر في الاستصحاب تقدّم زمان المتيقّن على الزّمان المشكوك وتغاير زمانيهما ، وإن اتّحد زمان نفس الوصفين ، وهذا المعنى غير موجود في المقام ؛ لأنّ الّذي تعلّق به العلم هو وجود الضدّ إمّا قبل ما يكون على طبق الحالة السّابقة ، أو بعده ؛ لأنّ هذا المقدار هو القدر المتيقّن ، فيحتمل وجوده في نفس زمان الشّك ، فكيف يحكم مع ذلك بإجراء الاستصحاب فيه؟
قلت : لا إشكال في وجود المعنى المذكور في المقام أيضا ؛ ضرورة أنّ