تيقّن الطّهارة والحدث وغيرها شاهد على أنّ أصالة التّأخّر إنّما تقضي بالتّأخّر على الإطلاق لا بالتّأخّر عن الآخر ومسبوقيّته به ؛ إذ وصف السّبق حادث والأصل عدمه ، فيرجع ذلك إلى الأصول المثبتة وهي منتفية ، فأصالة الرّهن هنا حينئذ بحالها ، إلّا أنّ الإنصاف عدم خلوّ ذلك عن البحث والنّظر خصوصا في المقام » (١). انتهى كلامه رفع مقامه.
وأنت خبير بأنّ مورد استفادة هذا المطلب منه ليس إلّا استشهاده بإطلاق كلمات الأصحاب في المسائل المذكورة حسب ما اعترف به الأستاذ العلّامة ، ولكنّه لا يخفى عليك أنّ كلامه بعد التّأمّل وإعطاء حقّ النّظر فيه كالصّريح في أنّ مقصوده نفي الآثار المترتّبة على تأخّر أحد الحادثين عن الآخر ، وأنّه إنّما استشهد بكلماتهم لذلك على ما يشهد به قوله : « إنّما تقتضي بالتّأخّر على الإطلاق لا بالتّأخّر عن الآخر » (٢) لا لنفي الآثار المترتّبة على عدم أحد الحادثين.
كيف؟ وهو سلّم اقتضاء الأصل المذكور التّأخر على الإطلاق بالمعنى الّذي عرفته منّا في المراد من أصالة التّأخّر ، هذا كلّه. مع أنّ ما نقله من الأصحاب واستشهد به إنّما يكون مبنيّا على مجرّد الاحتمال على ما يشهد به لفظة « لعلّ » سيّما بعد ملاحظة ذيل كلامه فلاحظ وتأمّل.
ثمّ إنّه على تقدير القول بهذه المقالة لا إشكال في ظهور فساده ممّا ذكرنا وفصّلنا القول فيه.
__________________
(١) جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام : ج ٢٥ / ٢٦٩.
(٢) نفس المصدر.